تخطى إلى المحتوى

نقد الترجمة

يمكن نقد فعل الترجمة من وقت لآخر. احد الانتقادات هو عدم وجود “الترابط” (coherence) في الترجمة. يمكن أ ن تكون الانتقادات على النحو التالي. إذا كانت قصة مكتوبة في الأصل باللغة الإنجليزية، وتجري في بلد يتحدث اللغة الإنجليزية، وتمت

ترجمتها إلى اللغة الفرنسية مثلا، فيمكن على سبيل المثال أن تفقد منطقها بسبب جمل مثل “هل تتكلم الإنجليزية؟” سيسأل الناقد ما ينبغي أن تكون الترجمة، “Parlez-vous anglais?” أو “Parlez-vous français?”. وفقا لهذه الانتقادات، فإن الإجابة ستكون متناقضة. إذا كانت الإجابة على السؤال نعم، فستعني ترجمة الأولى شيء من هذا القبيل، “Yes I speak a language you are not using and that is absolutely irrelevant” (نعم أنا أتكلم لغة لا تستخدمها وهذا لا علاقة على الاطلاق). لترجمة الثانية فإن ذلك يعني “Yes, this is an English speaking country, and yet everyone, including myself, is speaking French.” (نعم، هذا بلد يتحدث اللغة الإنجليزية، ومع ذلك فإن الجميع، بما في ذلك نفسي، يتحدثون الفرنسية.” جوهر هذا النقد هو أن احد القواعد الرئيسية في الترجمة هي “الحفاظ على السياق”، وأن لغة الوثيقة نفسها قلب السياق.

يمكن دحض هذه الانتقادات بعدة طرق. أولا، هذا النوع من الحالات نادرا ما ينشأ في الترجمات الواقعية. عندما يحدث ذلك، يمكن للمترجم استخدام تقنيات لتجنب هذه المشكلة من خلال، على سبيل المثال، ترجمة “هل تتكلم الإنجليزية؟” إلى “هل تتكلم لغتي؟” أو “هل تفهم ما أقول؟”. النقطة الأخرى هي أن القارئ الناطق بالفرنسية الذي يقرأ كتابا كتبه، مثلا، أجاثا كريستي واصفا جريمة قتل في منزل إنجليزي فخم، فعلى الأرجح أنه يدرك أن الشخصيات كانوا يتحدثون الإنجليزية في النص الأصلي.

هناك انتقاد آخر له طابع فلسفي، وهو يدعي أنه يمكن وصف الترجمة بأنها كتابة ما قرأته بلغة أخرى. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما إذا كان يمكن للقارئ أن يعرف ما إذا كان المترجم يفهم المؤلف الأصلي تماما. في حين أن هذا هو عمل المترجم، فإن المؤلف هو الذي يُمدح على العمل؛ ولكن هل يمكن اعتبار ترجمة عمل ما هي عمل المؤلف؟ وفقا لهذه الانتقادات، يمكننا حتى أن ننظر إلى الترجمة بوصفها “انتحال قانوني” (legal plagiarism). يمكن للترجمات أن تكون مختلفة تماما عن الأصل: على سبيل المثال، لقد ترجم جين بونيفيه (Jean Bonnefoy) اسم “Zaphod Beeblebrox” في دليل هتشهايكر للمجرة (The Hitchhiker’s Guide to the Galaxy) لدوغلاس آدامز (Douglas Adams) إلى الفرنسية كـ “Zapi Bibici” ، وقد ترجم اسم الكابتن ويدرشينز (Widdershins) في كتاب “سلسلة من الأحداث المؤسفة” (A Series of Unfortunate Events) لليموني سنيكيت (Lemony Snicket) إلى اللغة البرتغالية كـ (Capitão Andarré). في حين أن هذا لا يشكل فرقا كبيرا، فإنه موجود هناك. ربما لم يكن الكاتبين آدامز وسنيكيت سعداء تماما بهذا التغيير، ولكن من خلال سلسلة من مثل هذه التغييرات الصغيرة تصبح الترجمة مكيفة، وفقا لهذا النقد. وهناك اعتبار آخر، وهو أن المؤلف يختار عمليا كل اسم مستخدم في عمل روائي لسبب ما. ربما يكون السبب مجرد صوت الاسم، أو أنه ينطوي على وحدة صرفية (morpheme) تجعله يثير شعورا مرتبطا به. لذلك، بما أن جميع اللغات لديها أنظمة صوتية (phonologies) مختلفة، ووحدات صرفية مختلفة، فإننا سنتوقع أن الاسم الخيالي سيكون مختلفا في العمل المترجم.

ورغم هذه المبررات، الاختلافات الحقيقية أو المتصورة بين النصوص المصدر والنصوص المترجمة هناك شكوى منذ فترة طويلة من الترجمة، والتي يعبر عنها في التعبير الإيطالي ” Traduttore, traditore ” (كل ترجمة هي خيانة). من ناحية أخرى، نادرا ما يتم ترجمة عمل روائي دون التفاوض على الحقوق، وسيكون العديد من المؤلفين سعداء لوضع التحفظات على أسماء الشخصيات جانبا لإتاحة الفرصة لزيادة عدد جمهور قرائهم.

nv-author-image

فرج صوان

استاذ علم اللغة التطبيقي و اللغة الإنجليزية في جامعة طرابلس وعدد من الجامعات الليبية. حصل على الشهادة الجامعية والماجستير من ليبيا، وشهادة في تعليم اللغة الإنجليزية من جامعة سري البريطانية (Surrey)، ودرس برنامج الدكتوراه في جامعة إيسيكس ببريطانيا (Essex). نشر ثمانية كتب والعديد من المقالات والبحوث. مهتم بالملف الليبي والعربي والاسلامي بجميع جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

نقترح عليكم
ملخصيستطلع هذا القصل طائفة مختارة من الأساليب الإحصائية التي تستخدم…
Cresta Posts Box by CP
إظهار شريط المشاركة
إخفاء شريط المشاركة