تخطى إلى المحتوى

مشاكل الترجمة من العربية إلى الإنجليزية

بعض الإشكاليات في تعليم الترجمة من العربية إلى الإنجليزية والعكس
منذ زمن طويل يُعتبر تعليم الطلاب العرب إنتاج ترجمات إنجليزية ملائمة للنصوصِ العربية الأصلية مهمّة صعبة جداً، إنْ لمْ تكن مستحيلة. يرى سعد الدين أن هذا يُعزى إلى العوامل التاليةِ:


1.     مجموعة معقدة من المقارنات المتناقضة بين اللغة العربيةِ والإنجليزيِة فيما يتعلق بالمنطقِ حسب معناه العام (Kaplan 1966: 3).
2.     الإفراط في استعمال “الواو” كأداة ربط  للجمل (Yorkey 1974: 14).
3.     غياب علامات الترقيم الملائمة في اللغة العربية المكتوبة أغلب الأحيان. (لمزيد من التفاصيل، أنظر: Sa’adeddin, 1987a).
 
يَنتقدُ سعد الدين في مقالته المنهج العام لتعليم  الترجمة من اللغة العربية إلى الإنجليزية، لأنه مبني على الجملة، وإملائي، وتحريمي. يلوم سعد الدين معلمي الترجمة في الجامعات العربية لتَبنّيهم النظريات اللغوية للترجمة بتركيزهم على الميزات الرسمية و الجمالية للرسالة. كما يَنتقدُ المعلمين بدرجة أكثر لاختياَرهم مصطلحات مبهمة لوصف وتقييم الترجمات مثل جمال اللغة، البراعة الأدبية، والنكهة الأصلية، والاصطلاحية (idiomaticalness).
 
يَوصي سعد الدين بأنه على معلم الترجمة أَنْ يتبع بضعة خطوات قبل أن يطلب من طلابه بدأ الترجمة:
          ‌أ-          أن يجعلهم يقرؤوا ويقدروا النص لقيمته التجريبية (شيء ينبثق من تَصَوُّر النص كما يُخبره الجمهور الموجه لهم أصلا).
        ‌ب-        أن يجعلهم واعين بالتشابهات والاختلافات بين اللغات المعنية، والأدوات المتوفرة لهم لإنتاجِ وإعادةِ إنتاج هذه التجارب.
        ‌ج-        أن يجعلهم يقومون بتحليل المكونات الاتصالية للغة المصدر، وتجميعها وفق التوقع التجريبي لجمهور اللغة الهدف.
 
لكننا نختلفُ مع سعد الدين عندما يسيئ اقتباس كابلان قائلا بأن العربية المكتوبة  هي “لغة تفتقر إلى المنطق بالمعنى الغربي العام”، وهذا يعتبر مغالاة لم يسبق لكابلان قولها (أنظر، على سبيل المثال، Sa’adeddin 1987a: 183).
 
من وجهة نظر تربوية، ذكر سعد الدين بضعة جوانب اشكالية تظهر بين حين وآخر في قاعات الدراسة وكذلك أثناء الترجمة الفعلية. بتحديد هذه المشاكل، سيكون معلمي وكتّاب تدريس الترجمة قادرين على ابتكار بعض الاستراتيجيات والتقنيات، لتسليح طلابهم بالمهارات العملية حتى يتغلبون على المشاكل. ومن وجهة نظر سعد الدين فإنه من خلال إبراز مفهومِ التكافؤ التجريبي في قاعات الدراسة سيتعلم الطلاب حول مشاكل الترجمة وكيفية معالجتها بشكل صحيح.
 
بعبارة أخرى، بالاستفادة من  النظريات الثقافية للترجمة، سيتعلم الطلاب أن هناك فجوات ثقافية بين اللغات، وأن مهمة المترجمِ هي تضييق هذه الثغرات. ووفقا لبيوجراند و دريسير (Beaugrande and Dressier, 1981:216) فإن هذا يتم إنجازه بإنتاج ‘التكافؤ في تجربة المشاركين بدلاً من إنتاج تراكيب لغوية متوازية.
 
وفقا لسعد الدين يمكن تحقيق هذا النوعِ من التكافؤ فقط  من خلال ‘إدراك وتحييد العناصر المقارنة بين عالم النص المصدر وتوقعات الجمهور الهدف، مالم تكن تلك المقارنات مقصودة من قبل مؤلف نص اللغة المصدر’ (Sa’adeddin 1987b: 140).
 
 
الربط
الربط هو أحد مجالات الإشكال التي لم يتم تغطيتها بشكل كافي في تعليم الترجمة من اللغة العربية إلى الإنجليزية للطلاب العرب المحليين. إن لأدوات الربط  دور رئيسي في ربط الوحداتِ الدلالية والجمل معا، فهي تجسّد العلاقات المنطقيةَ الأساسيةَ مثل السبب، والنتيجة، والوقت، وبالتالي  تتخذ وظائف متنوعة مثل تتبع تطور الحجة، وسرد سلسلة الأحداث، والاشارة للتناقض، والاعلان عن الاستنتاج.
 
تنتج أحد المشاكل من عدم وعي الطلاب بالاختلافات في الوظيفة بين أدوات الربط العربية والإنجليزية. وبتبيين المعلم للاختلاف بين أنظمة الربط في اللغة العربية والإنجليزية، سيصبح الطلاب مدركون للطرق المختلفة التي تستخدم بها أدوات الربط في كلتا اللغتين، وما إذا كانت هناك أدوات ربط متكافئة.
 
ما يجب على معلمي الترجمة إذن، هو لفت انتباه الطلبة إلى وظائف أدوات الربط في النصوصِ العربية، والترجمة الملائمة لهذه الأدوات إلى اللغة الإنجليزية. قد يكون من المفيد إجراء دراسة مقارنة لأداة الربط العربية “الواو” ونظيرتها الإنجليزية ‘and’.
 
“الواو” هي أداة ربط تربط جمل متساوية في الوزن، وربما تكون متوافقة مع نظيرتها الإنجليزيِة ‘and‘ في معظم السياقات. الشيء المهم حول الواو‘ هو أنّها تشير تقريبا إلى بِداية كل جملة أَو فقرة في اللغة العربية. عندما يتم ترجمة كل جملة بادئة لفقرة حرفيا إلى ‘and’، وهو الخطأ الذي يقع فيه معظم الطلاب العرب، سيخلق هذا نقص في الترابط والتماسك في مقالات وإنشاء الطلاب. ووفقا لكانتارينو (Cantarino, 1975, vol. lii, 11) فإن ‘الواو’ هي أكثر أداة ربط مستخدمة عموما، وهي تربط الجمل بدون دلالة على أي علاقة منطقية وثيقة. أما في حالة أداة الربط الإنجليزية ‘and’، فإن دلالات المعنى يتم تحديدها من خلال ترتيب الجمل والمحتوى الدلالي للجمل التي تربطها.
 
قد يكون من المفيد ذكر أن العلاقة المنطقية الدلالية بين الجمل والمعانيفي اللغة الإنجليزية هي التي تخلق التماسك. يجب على المترجم أثناء الترجمة من الانجليزية أن يجعل مثل هذه العلاقات الضمنية واضحة في اللغة العربية. إن الذي يخلق مشاكل للطلبة العرب هو عندما لا تكون هناك أداة ربط إنجليزية تربط جملتين، بحيث تكون الثانية هي التي تعطي تفاصيل أكثرِ أَو لتَوضيح الأولى.
 
تميل التراكيب العربية إلى تفضيل الاستخدام المتكرر لأداة الربط الواو عوضا عن عدم وجود أداة ربط في اللغة الإنجليزية. هذا هو السبب الذي يجعل الطلاب العرب يقومون في كثير من الأحيان بإنتاج نصوص غير مترابطة تفتقر إلى التماسك، لأنهم يترجمون النصوص الانجليزية حرفيا ويتغاضون عن أدوات الربط الضرورية. ونفس الشيء يحدث عند استبدال كل واو بادئة لجملة بأداة الربط ‘and’ أثناء الترجمة إلى الإنجليزيِة، حيث يؤدي ذلك إلى نص ردئمشابه لأسلوب المحادثة والرسائل غير الرسمية ولا يشبه الكتابة الأكاديمية.
 
بينما يكون الربط في اللغة الإنجليزيِة ضمنيا ومفترضا مالم يتم تحديده، نجد أن اللغة العربية تعتمد عادة على الاستعمال الواضح لأدوات الربط، حيث يجب ربط كل جملة بالجمل السابِقة والتالية. أما في النصوص الإنجليزية فيتم الحفاظ على التماسك بواسطة العلاقات المنطقية التي تربط الجمل والأفكار معا.
 
قد يكون من المفيد تعليميا الإشارة إلى أن الواو” بين الجمل تؤدي العديد من وظائف القاطعة والشارحة، كما أنها تُبقي على التدفق الإيقاعي للنصوص العربية. ووفقا لسعد الدين (Sa’adeddin, 1987b : 144) “فإن كل من الواو والقاطعة يعطيان نفس المعلومات للمستقبل، طالما أنهما يعلمان عقل المستقبلين الأصليين فكرة إنهاء الجملة، أي وحدة معنى تامة. أذن فإن كلاهما مرتبطتين بدرجة معينة بفكرة إنهاء الكلام. ومع ذلك، فإن “الواو” العربية تنشط في أدمغة مستخدمين النصوص العرب الأصليين توقع وحدة مرتبطة جديدة من المعنى.
 
يوصي سعد الدين بالإجراءات التالية في الفصول الدراسية، التي وجد أنها فعّالة جداً في التغلب على الصعوبات الناشئة عن المقارنة المتعلقة بالربط في العربيِة والإنجليزيِة:
 
          ‌أ-          قراءة النص وتقدير صلاحيته التجريبية.
        ‌ب-        حذف كل علامات الترقيم الغربية.
        ‌ج-        قراءة النص باعتباره وحدات من المعنى، ووضع خط مائل (/) قبل وبعد كل /و/ أو /ف/  وفي بداية كل وحدة معنى بادئة بالفاء أو الواو.
         ‌د-         قراءة النص جهرا وتبيين كيف أن نهاية كل وحدة من المعنى محددة بحذف جزء أو مقطع يشير إلى حالة صيغة الكلمة الأخيرة، مع ملاحظة كيف أن جودة التشديد لأداة الربط “الواو” و “الفاء” داخل الجمل تختلف عن تلك التي بين الجمل (دائما ما تكون الأخيرة بمقاطع ضعيفة بادئة لمجموعة نغمات.
          ‌ه-         حذف كل “واو” أو “فاء” مشكلة للنص، مع الأخذ في الاعتبار أنه قد يكون لحرف “الفاء” وظائف سياقية أخرى كتسلسل المعنى أو النتيجة، ولذلك يجب الإبقاء عليها.
         ‌و-         القيام بتماثل الجمل التجريبي وإدخال علامات الترقيم الإنجليزية كلما تطلب الأمر ذلك (المرجع السابق، ص 148).
 
يجادل سعد الدين بأن سبب استخدام العربية لأدوات الربط الصريحة يرجع إلى اختيار العرب المتعمد لنظام ربط معين ناجم عن شخصية المجتمع اللغوية. يدعم سعد الدين كلامه بالقول أن نظام الربط العربي يمثل الترابط بالمفردات المعجمية التي تعبر صراحة عن تماسك النص للمتحدثين العرب الذين يدركون أهمية تلك العناصر حدسيا بحيث نادرا ما يفكرون بها (المرجع السابق، ص 143).
 
 
علامات الترقيم
الإشكالية الثانية في الترجمة الإنجليزية / العربية لها علاقة بأدوات الربط أيضا، وهي علامات الترقيم. ومثلما هناك اختلافات في الربط بين اللغتين الانجليزية والعربية، هناك أيضا اختلافات بشأن نظم الترقيم في كلا اللغتين. يقول خرما (Kharma, 1983) أن كل الكتابات العربية الكلاسيكية خالية من علامات الترقيم. كما يدعي اللغويين الغربيين أيضا أن العربية ليس لها علامات ترقيم مناسبة على الإطلاق.
 
ولسوء الحظ فقد اعتمد معلمين الترجمة العرب، ومدرسي اللغة الإنجليزية كلغة ثانية، وعلماء اللغة المفاهيم الخاطئة المذكورة آنفا عن اللغة العربية ونشروها. يدعم يوركي (Yorkey, 1974:142) حجة سعد الدين حيث يقول أن “معلمين الجامعة الأميركية في بيروت يشيرون إلى طريقة و- و في الكتابة بسبب “الواو” العربية التي تستخدم كثيرا كأداة ربط للجمل.
 
إن قياس العربية بالمقاييس الأوروبية من خلال اعتماد “نظام الترقيم الغربي الملحوظ بوضوح”، سيفرض بعض التغييرات على النصوص العربية، وسيسبب خسارة في صلاحيتها التجريبية. إن نظامي الترقيم في اللغتين الإنجليزية والعربية مختلفين، وفي الواقع، كلاهما يقوم بوظيفة مختلفة في اللغة. ووفقا لوايت هول (Whitehall, 1959: 214) فإن “أهم غرض لعلامات الترقيم الإنجليزية الحديثة هو جعل القواعد النحوية واضحة، أما “الهدف الأكثر أهمية في نظام الربط العربي هو جعل كلام العرب الفصيح واضحا. (Whitehall, 1959: 214، استشهد به Saadeddin 1987: 143)
 
في الحقيقة إن الملاحظات المذكورة أعلاه بشأن أنظمة الربط وعلامات الترقيم في اللغة العربية واللغة الإنجليزية لها آثار كبيرة على تدريس الإنشاء والترجمة العربية / الإنجليزية للطلاب العرب.
 
 
تنظيم الفقرات
هناك إشكالية ثالثة في الترجمة العربية / الانجليزية وهي الفرق في تنظيم الفقرات. يعلق كابلان (Kaplan, 1966: 3) أنه على الرغم من أن العديد من الطلاب الأجانب يجيدون استخدام التراكيب الإنجليزية، فهم لا يستطيعون كتابة مقالات منظمة جيدا، حيث يعتبر أساتذتهم كتابتهم مفتقرة للتماسك. لكن يمكن التغلب على هذه المشكلة بتوعية الطلاب بالأسباب الكامنة وراء أخطائهم.
 
ربما يمكن عزو مشكلة سوء التنظيم إلى الاختيارات النحوية والدلالية التي يقوم بها الطلاب بسبب تدخل اللغة الأم. يرجع هذا جزئيا إلى حقيقة أن تنظيم الفقرات في اللغة الإنجليزية يميل إلى أن يكون مختلفا تماما عما هو في اللغة العربية وغيرها من اللغات السامية. ربما يكون أيضا بسبب استخدام الطلاب أسلوبا لا يتوافق مع أعراف اللغة الإنجليزية. يتميز أسلوب كتابة الطلبة العرب باستخدام الجمل الطويلة، وبالاستخدامات المختلفة لأداة الربط ‘and’، ولذلك فإن مقالاتهم وتقاريرهم البحثية ستفاجئ القارئ الإنجليزي بالتكرار والإطناب.
 
يوضح كابلان (Kaplan, 1966:6;1976: 16) أن تطوير الفقرة في العربية قائم على سلسلة معقدة من التراكيب الموازية التي تعتبر نموذجية في جميع اللغات السامية. يمكن الإشارة إلى التوازي في اللغة الإنجليزية بطريقة أفضل من خلال الرجوع إلى نسخة الملك جيمس للعهد القديم (Old Testament). وفيما يلي مثال يوضح ذلك التوازي:
 
سيكون نسله قويا في الأرض
و
 ستتم مباركة جيل المستقيمين. (استشهد في Kaplan 1966: 7)
 
وكمثال ثاني، نورد ترجمة حرفية لسطر من “تيار الأيام” لطه حسين:
 
“المرأة في قرى مصر لا تحبذ الصمت ولا تميل إليه”؛ بدلا من: “النساء في مصر ميالة للثرثرة”. (انظر، على سبيل المثال، Dudley-Evans and Swales 1980)
 
من وجهة نظر كابلان، فإن التوازي لا يقتصر على جمل مفردة، ولكنه يتوسع ليشكل نواة الفقرات في بعض الكتابات العربية، والتي قد يعتقدها القارئ الإنجليزي قديمة أو حرجة، وربما تكون عائقا للفهم والاتصال. ووفقا لوجهة نظره:
 
فيبدو أن للعربية قدرة لغوية أكثر للتوازي النحوي من اللغة الإنجليزية، حيث ثبت أن الناطقين باللغة العربية الذين يكتبون باللغة الإنجليزية يميلون إلى إنتاج نثر محسّن وهو ما يعتبر أمر غير مقبول للناطقين الأصليين باللغة الإنجليزية. (ويبدو أيضا أن الترجمة من اللغة العربية المعاصرة إلى اللغة الإنجليزية تُبدي سمات مماثلة.)” (Kaplan 1976: 16)
 
الملاحظة الأخرى المهمة هي أنه في حين أن العربية لديها علامات تنسيق نحوية أكثر مما لدى الإنجليزية، وهذا قد يكون صحيحا أيضا بالنسبة لجميع اللغات السامية، فهي لديها علامات أقل للتبعية، والتبعية كما نعرف تعتبر معيار لقياس نضج الأسلوب في اللغة الإنجليزية. بالتالي فإن تعليم كيفية هيكلة الفقرات لطلاب الترجمة الإنجليزية / العربية لها أهمية كبيرة. هذا هو السبب الذي جعل كابلان يدعو لأن “الخطاب التقابلي يجب أن يتم تدريسه بنفس الطريقة التي يتم بها تدريس النحو المقارن في حاليا (المرجع نفسه).
ربما قد يكون من المفيد ملاحظة أن فقرات النثر التفسيرية الجادة في اللغة الإنجليزية تميل إلى أن تكون منطقية وليست مجرد وحدة مطبعية.
 
 
الجدل في اللغتين العربية والإنجليزية
يجادل البعض بأن للغة العربية أساليب جدل مختلفة عن تلك التي تستخدمها اللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات الأوربية (Kaplan 1966; 1976, Dudley-Evans and Swabs 1980). إذا أخذنا موضوعا ما وحاولنا ان نرى كيف يتم تطويره في العربية والإنجليزية، فسندرك أن النهج المعتمد في اللغة الإنجليزية يشبه عرضا لموقف، تتبعه الأدلة، ثم الإثبات.
 
قد تبدأ النسخة العربية لنفس المحتوى بجملتين افتتاحيتين حول الموضوع والتي ربما تكونا مرتبطتين بشكل فضفاض عبر القياس المنطقي. قد تبدو بعض أجزاء الأدلة تكرارية، على الرغم من أن كلا النسختين يبرزان صورة واضحة عن الموقف ولا يمكن للمرء أن يعتبر إحداهما أفضل أو متفوقة من الأخرى.
 
يقترح حاتم (Hãtim, 1989: 28) أن اللغة العربية تفضل أشكال الجدل المباشرة أو عبر الجدال أكثر من الجدل المضاد في اللغة الإنجليزية. ومع ذلك، فهو يتحفظ على أنه بينما تكون ملاحظته تحتاج للمزيد من البحث والبيان الإحصائي المحدد، فإن بحثه الخاص في هذه المسألة يشير إلى ميل اللغة العربية لما أشار إليه بعبر الجدال. يبدو أن الاتجاه العام في الممارسة الخطابية باللغة العربية في الوقت الحاضر على الأقل، يميل إلى تفضيل الموقف الذي يتم فيه إبراز آراء المجادل الخاصة وابقاء موقف الخصم في الخلفية.
 
ولكن بعد هذا الاقتراح المبدئي، يستمر حاتم في القول أنه من الخطأ افتراض أن أسلوب الجدلية المضادة غريب تماما عن العربية، حيث يستشهد ببليغ عربي من القرن الرابع عشر، ابن قدامى، الذي يعتقد أنه “في الجدال الفعال، يتم بناء الحجة على افتراضات أولية مقبولة من قبل الخصم”. (lbn Qudama 1982 edition استشهد به في Hätim 1989: 29)
 
يُعزى ميل اللغة العربية لتفضيل الجدل المباشر إلى عوامل اجتماعية وثقافية متجذرة لها علاقة بالمسافة (الموضوعية أو المشاركة) وطبيعة العلاقة الناتجة بين المرسل والمستقبل. بالتالي يبدو أن العربية تشجع اتجاه أنه يجب على المجادلين افتراض تأييد الجمهور للآراء التي تطرح لاحقا.
 
في محاولة للقيام بتمييز مفيد بين أنواع أساسية من الجمل في اللغة العربية، يدعي حاتم أن استخدام الجمل الفعلية والاسمية في اللغة العربية يتم تحديده وفقا لبنية النص (خطة النص الانشائية) والتي بدورها محددة بسياق النص. كما يجادل  بأن استخدام الجملة الفعلية في العربية يعتبر مناسب للنصوص التفسيرية (على سبيل المثال السرد، الوصف، الخ)، أما الجمل الاسمية فتتوافق مع النوع الجدلي، وخاصة الجدل المضاد، وبمصطلحات حاتم، “يستشهد بالفرضية ليتم دحضها”.
 
إن شرح مثل هذا الادعاء القوي يتطلب عدد كبير من النصوص، وليس عدد قليل من النصوص مثل التي اختارها حاتم ذاتيا بعناية. في الواقع، لا يوجد مثل هذا التمييز المنسق بين الجمل الاسمية والفعلية، كما أن الاختيار بينهما اختياريا، ويعتمد على حدس الناطقين الأصليين.
 
لقد حاول بعض النحويين للتمييز بينهما. إن تمييز بيستون (Beeston, 1971) و رايت (Wright, 1978) الذي اقتبسه حاتم لإثبات دعواه لا يدعم حجته إلا قليلا. يقترح تمام حسان (1979)، عالم اللغة العربي، أن الفرق بين الجمل الاسمية والفعلية يختص بالزمن، حيث تفتقر الجملة الاسمية في اللغة العربية إلى عامل الزمن.
 
هناك اختلافات أخرى بين العربية والإنجليزية من حيث نظام الزمن، الصوت: مبني للمعلوم أو مبني للمجهول، التعريف أو النكرة، والتركيز، واستخدام الأسماء الموصولة، وغيرها من الاختلافات.
 
وينبغي الإشارة إلى الفرق بين العربية والإنجليزية في معالجة النصوص، حيث تبرز توصيتين مهمتين لتدريس الترجمة فيما يتعلق استراتيجيات النص في كلا الثقافتين:
 
1-     توعية الطلاب بالاختلافات بين اللغات فيما يتعلق باستراتيجياتها النصية.
 
2-     التأكيد على حقيقة أن التواصل يتضمن المشاركة المستخلصة من الخبرة المشتركة، حقيقية أو أدبية، وجلب المعرفة الجديدة للمتلقي، بناءا على تلك المعرفة المشتركة.
 

 

المطلوب من وجهة نظر سعد الدين، هو نوع من تدريس الترجمة يتم فيه دمج علم تراكيب النص، وعلم النص الدلالي، وبراغماتية النص في منهج موحد يقوم بتدريب طلاب الترجمة في استخدام اللغة التجريبي التقابلي.
nv-author-image

فرج صوان

استاذ علم اللغة التطبيقي و اللغة الإنجليزية في جامعة طرابلس وعدد من الجامعات الليبية. حصل على الشهادة الجامعية والماجستير من ليبيا، وشهادة في تعليم اللغة الإنجليزية من جامعة سري البريطانية (Surrey)، ودرس برنامج الدكتوراه في جامعة إيسيكس ببريطانيا (Essex). نشر ثمانية كتب والعديد من المقالات والبحوث. مهتم بالملف الليبي والعربي والاسلامي بجميع جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

نقترح عليكم
مقدمة جمع البيانات بلغة معينة وعرض النتائج بأخرى يتطلب من…
Cresta Posts Box by CP
إظهار شريط المشاركة
إخفاء شريط المشاركة