تخطى إلى المحتوى

ليبيا بإيجاز


ليبيا هي بلد شبه صحراوي بساحل جميل يحتضن العديد من المواقع التاريخية والمدن القديمة مثل صبراتة، شحات، طلميثة، سوسة، ولبدة. وفي الجنوب هناك الصحراء التي تستضيف العديد من البحيرات الجميلة والواحات، والمواقع التاريخية الأخرى.

إن موقع ليبيا في وسط شمال أفريقيا بساحل طويل (1.955 كم) على البحر المتوسط ​​بالإضافة إلى رقعة أرض شاسعة (1.760.000 كيلومتر مربع) يعطيها موقعها الجغرافي الفريد ويجعلها رابع أكبر دولة في أفريقيا.

وتعتبر ليبيا جسرا مهما يربط بين أفريقيا وأوروبا. تستقبل موانئها (مثل ميناء بنغازي وطرابلس) السفن على مدار السنة. المنافذ الحدودية الأخرى هي أيضا مهمة جدا لتجارة بعض البلدان الأفريقية مثل تونس والنيجر وتشاد ومالي وتعمل كحلقة وصل إلى العالم الخارجي.

وتعتبر أيضا رابط مهم بين الأجزاء الشرقية والغربية من العالم العربي. لهذا السبب، يبدو التقارب والمزج بين اللغة العربية والثقافة الإسلامية والحضارات الأخرى واضح للعيان.

جعل هذا الموقع الجغرافي المهم التاريخ السياسي لليبيا مرتبط ارتباطا وثيقا بالتاريخ العربي والإسلامي. تمثل الصحراء أكثر من 92٪ من الأراضي الليبية، وتعتبر موردا هاما لليبيا لاحتوائها العديد من المعالم السياحية الجذابة. وهذا يشمل الفنون التاريخية، والمنشآت الزراعية والسكنية في الواحات الحضرية والبحيرات الصحراوية. هذا التنوع في المواقع السياحية الصحراوية في ليبيا يوفر فرصا لا تحصى للترفيه والأنشطة الثقافية والعلمية لتلبية رغبة السياح المغامرين و والهواة والرياضيين من خلال المسارات الصحراوية. وعلاوة على ذلك، يوفرالجمال الطبيعي المميز للصحراء الليبية الهدوء، والعزلة وبساطة الحياة، وكذلك فرص أخرى غير محدودة لا يمكن تصورها.

وتعتبر الواحات عموما من بين أهم المعالم السياحية التي تميز الصحراء بجمالها الطبيعي. وتحيط الكثبان الرملية بالواحات عموما، وأحيانا تلفها البحيرات، التي تجعل المشهد مميز وجذاب للسياح. هذه الواحات هي أيضا غنية بتراثها الثقافي للعديد من المدن القديمة ونمطها الواضح حيث الواحات دائما خضراء في الصحراء. الواحات الأكثر أهمية في المنطقة هي غدامس، غات، وادي الحياة، وادي الشاطئ، الجفرة والكفرة. وتضيف الجبال والتلال في جنوب ليبيا الجوانب الجمالية الأخرى لجمال الصحراء.

الاقتصاد

يقدر حجم الاقتصاد الليبي بحوالي 80 مليار دولار أمريكي (2010)، وهو يعتمد على قطاع النفط الذي يدار مركزيا. وتأثر الاقتصاد الليبي سلبا بالعقوبات الدولية خلال فترة الحصار في التسعينيات. وقد عملت الحكومة الليبية لتفعيل الإصلاحات الاقتصادية بعد رفع العقوبات الدولية وعقوبات الولايات المتحدة في عام 2003 و 2004 على ليبيا. وقد اتخذت عدة تدابير لتعزيز دور القطاع الخاص، وخفض أسعار الفائدة لتشجيع الطلب على القروض من قبل القطاع الخاص، وتشجيع الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي. كما شرّعت أيضا قانون جديد للضرائب، وإلغت الامتيازات والجمارك على المؤسسات العامة، وخفضت الضرائب على الواردات.

إن إرث التحول الاشتراكي الذي تراكمت عليه الكثير من المشاكل الاقتصادية أوصل نشاط البلد الاقتصادي إلى حالة من الشلل. لقد كان له الأثر الأكبر على انخفاض مستويات المعيشة بين مجموعة واسعة من الليبيين الذين تم تحويلهم إلى سكان يعتمدون على الدولة في معيشتهم من خلال الرواتب ومخصصات التقاعد من الخزينة العامة أو شركات القطاع العام، والتي فشلت في الغالب بمقياس المعايير الاقتصادية المعروفة. وعلى الرغم من التغيرات التي حدثت في الاقتصاد الليبي خلال السنوات الخمس الماضية، فإن النشاط الاقتصادي لا يزال ضيق جدا، حيث لا تزال هناك العديد من القيود على تحويل الأموال وحركة السلع، بالاضافة إلى عدم تحسن مستويات المعيشة لمعظم الليبيين.

ومن الجدير بالذكر أن ليبيا تدعم أسعار بعض السلع الغذائية الأساسية، حيث يتم بيعها للمواطنين بأقل من سعر التكلفة. كما أنها تدعم أسعار الوقود والكهرباء. وبالإضافة إلى ذلك يتم توفير خدمات التعليم والصحة مجانا.

وفيما يتعلق بالنظام المصرفي، أصدرت الحكومة مؤخرا قانونا ليبيا يسمح بفتح البنوك والفروع الأجنبية بحد أدنى قدره 50 مليون دولار أمريكي. والهدف من هذا القانون هو تفعيل الإصلاح الاقتصادي وتشجيع الاستثمار الأجنبي. كما يسمح هذا التشريع لليبيين بتأسيس الشركات المالية برأس مال 10 مليون دولار أمريكي كحد أدنى.

الموارد الطبيعية والصناعة

إنتاج ليبيا من النفط العادي هو حوالي 1.6 مليون برميل يوميا من احتياطياته المقدرة بـ 41.5 مليار برميل كما أنها تنتج 11.300.000.000 متر مكعب من الغاز يوميا. تأمل ليبيا في زيادة إنتاجها من النفط إلى 3 ملايين برميل يوميا، ولكن بعد الثورة في 2011 نتيجة الأزمة السياسية والحرب الأهلية بين الميليشيات، انخفض إنتاج النفط بدرجة كبيرة حيث تدنى لأقل من 300.000 برميل في اليوم.

وتشمل أهم الصناعات الحديد والصلب والاسمنت ومواد البناء، والصودا الكاوية، وسماد اليوريا، والصناعات البتروكيماوية الأخرى.

أما المنتجات الزراعية الليبية فتشمل الشعير والقمح والطماطم والبطاطا والزيتون والتمور والخضروات والفواكه واللحوم.

السوق الليبي

السوق الليبي هو سوق استهلاكية ويعتبر نشط نسبيا بستة (6) ملايين مستهلك وقدرة شرائية عالية مقارنة بالأسواق المجاورة. مستوى منافسة المنتجات المحلية منخفض ويتميز بالفشل في تلبية متطلبات المستهلك، سواء من الناحية الفنية أو في السعر.

السوق الليبي قريب نسبيا من مراكز التصدير لعدد من الدول العربية والأوروبية، والأفريقية، مما يجعل المنافسة فيه مفتوحة على السلع والمنتجات المتشابهة.

السياسة

بعد استقلال ليبيا في عام 1951، وبدون وجود مؤسسات فعالة موروثة من العثمانيين والاستعمار الإيطالي، وجدت المملكة السنوسية الهشة نفسها تحكم شعب صغير سكانه فقراء. ولكن بعد اكتشاف النفط، وجد الليبيين أنفسهم أغنياء فجأة.

في عام 1969 أطاح القذافي وزملائه الثوار بالملك إدريس السنوسي واستولى على السلطة. في ذلك الوقت، كان لديهم القليل ليبنوا عليه ولكن ثروة النفط كانت تحت تصرفهم. وبدلا من استثمار المال الكافي لتطوير بلاده، نشر القذافي كتابه الأخضر وحوّل ليبيا إلى جماهيرية، أي دولة فاشلة بدون أي حكومة حيث عين نفسه كزعيم لها وادعى أن الناس أحرار ويحكمون أنفسهم. وقد تفككت الحكومة الليبية بأكملها واستبدلت بلجان ومؤتمرات الشعبية ترقبها لجان ثورية لإزالة أي انحرافات ايديولوجية عن فكره الأخضر. تم تأميم صناعة القطاع الخاص وحل محلها شركات وأسواق مملوكة للدولة تفتقر إلى الكفاءة. تم إنشاء المحاكم الثورية في جميع أنحاء البلاد حيث انتزعت سيادة القانون. وكانت النتيجة الاستبداد الذي فشل في كل من التخطيط الاقتصادي وبناء المؤسسات. وفي الوقت نفسه، قرر القذافي نشر ثورته عالميا، وانتهت ليبيا بالتورط في النزاعات مع جيرانها والولايات المتحدة وأوروبا. ونتيجة لذلك أصبحت ليبيا معزولة، منقطعة، ومعاقبة من قبل المجتمع الدولي بعقوبات صارمة. ولكن في السنوات الأخيرة، بدا أن ليبيا قد استوعبت الدرس حيث تخلى القذافي عن جهوده لإنتاج أسلحة الدمار الشامل، وأعلن مسؤوليته وقدم التعويضات عن الأعمال الإرهابية المروعة (مثل تفجير طائرة البان آم رحلة 103)، وشقت ليبيا طريقها للتخلص من العقوبات والعودة الى المجتمع الدولي.

بعد تدخل الناتو (حلف شمال الاطلسي) في عام 2011 ووفاة القذافي أصبحت ليبيا دولة فاشلة وباقتصاد غير مستقر والفساد في كل مكان. ليبيا ممزقة الآن. انقسمت الميليشيات المحلية المختلفة سواءا القبلية أوالجهوية، المتطرفة أو الإجرامية إلى معسكرين يتقاتلان. وبالتالي، أصبح يوجد في ليبيا الآن برلمانين متنافسين وكلاهما بحكومته الخاصة: واحدة في العاصمة طرابلس مدعومة من تحالف فجر ليبيا المسنود من المليشيات الاسلامية والأخرى شرعية ومعترف بها دوليا ولكنها تمارس مهامها من منفاها بمدينة طبرق شرق البلاد. ومع ذلك، إذا نجحت جهود مفاوضات السلام التي تدعمها الأمم المتحدة،وتم التوصل إلى اتفاق بين الفرقاء الليبيين وتوصلوا لتشكيل حكومة وحدة وطنية، فإن ليبيا، بثروتها النفطية وغيرها من الموارد الطبيعية بالإضافة إلى إدارة ديمقراطية مهنية، يمكن أن تكون دولة ناجحة وغنية جدا.

nv-author-image

فرج صوان

استاذ علم اللغة التطبيقي و اللغة الإنجليزية في جامعة طرابلس وعدد من الجامعات الليبية. حصل على الشهادة الجامعية والماجستير من ليبيا، وشهادة في تعليم اللغة الإنجليزية من جامعة سري البريطانية (Surrey)، ودرس برنامج الدكتوراه في جامعة إيسيكس ببريطانيا (Essex). نشر ثمانية كتب والعديد من المقالات والبحوث. مهتم بالملف الليبي والعربي والاسلامي بجميع جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

نقترح عليكم
لقد أصبح منظر حاملة الطائرات الروسية الأدميرال كوزنيتسوف وهي تبحر…
Cresta Posts Box by CP
إظهار شريط المشاركة
إخفاء شريط المشاركة