تخطى إلى المحتوى

عملية الترجمة

عملية الترجمة هي نوع خاص من المواقف التواصلية والمترجم يعتبر في الأساس أحد المشاركين في هذه الحالة التواصلية. يمكن توضيح الوضع التواصلي الأحادي العادي كما يلي:



يختلف دور المترجم نوعا ما عن المرسل والمتلقي في حالة التواصل الأحادي الطبيعي، لأن المترجم يجب أن يقوم بكل من فك الرموز وإعادة ترميزها، ولأن المترجم يعمل في إطار يتكون من رمزين، أو لغتين  يسمى الوضع التواصلي ثنائي اللغة:


وهكذا، فإن المترجم، في عملية فك الرموز، يحلل لغة النص المصدر معين في فكرة غير لغوية محددة، أو التمثيل الدلالي (أساسا، مضمون النص، أو ما يسميه نيومارك “الحقيقة”). ثم بعد ذبك يقوم المترجم في عملية الترميز بتجميع التمثيل في نص هدف بلغة محددة .

إن الترجمة نشاط ينطوي على ​​تفسير معنى نص معين في لغة ما (النص المصدر) وإنتاج نص آخر جديد يعادله في المعنى بلغة أخرى (النص الهدف، أو الترجمة). ويعبر فعل الترجمة عن نقل النتاج اللغوي من لغة إلى أخرى. ويمكن توضيح هذه العملية في الشكل التالي:





و”النقل” هو عملية النقل من لغة إلى أخرى. و”النتاج اللغوي” هو أي معنى ينتج عن استخدام الشخص للسانه في الكلام أو ليده بالكتابة, لأن كل ما ينتجه الشخص من كلام أو كتابة هو نتاج لغوي. وتدل عبارة “من لغة إلى أخرى” على المصدر والهدف اللذين ينتقل بينهما النتاج اللغوي في اتجاه واحد أو في اتجاهين كما هو الحال في الترجمة العكسية.

إن عملية الترجمة، سواء كانت في الترجمة المكتوبة أو الترجمة الفورية، يمكن وصفها ببساطة على النحو التالي:
فك رموز معنى النص المصدر، و إعادة ترميز هذا المعنى في اللغة الهدف.

لفك رموز معنى النص يجب على المترجم أن يحدد أولا مكونات “وحدات الترجمة” فيه، وهذا يعني مقاطع أو شرائح النص التي سيتم التعامل معها كوحدة معرفية. قد تكون وحدة الترجمة كلمة واحدة، عبارة أو حتى جملة واحدة أو أكثر. يكمن وراء هذا الإجراء الذي يبدو بسيطا عملية معرفية معقدة. لفك شفرة المعنى الكامل للنص المصدر، يجب على المترجم تفسير وتحليل كل معالم النص بوعي ومنهجية. تتطلب هذه العملية معرفة وافية بقواعد اللغة، وعلم الدلالة، والنحو، والتعابير الاصطلاحية ومما شابها ذلك في اللغة المصدر، وكذلك ثقافة المتحدثين بها.

يحتاج المترجم إلى نفس المعرفة المتعمقة لإعادة ترميز المعنى في اللغة الهدف. في الواقع، غالبا ما تكون معرفة المترجمين باللغة الهدف هي الأكثر أهمية، ويجب أن تكون أكثر عمقا، من معرفتهم باللغة المصدر. لهذا السبب، نجد أن معظم المترجمين يترجمون إلى لغتهم الأم الناطقين بها. بالإضافة إلى ذلك، فإن معرفة الموضوع قيد المناقشة أمر ضروري. ولحسن الحظ فقد استطاعت الدراسات في علم اللغة المعرفي في السنوات الأخيرة توفير معلومات قيمة حول العملية المعرفية للترجمة.

مراحل ومستويات عملية الترجمة

سننتقل هنا إلى عملية الترجمة، ونناقش نهج نيومارك (Newmark) لعملية ترجمة نص مصدر إلى نص هدف. يشتغل نيومارك على أربعة مستويات من العمل:

• مستوى النص المصدر: النص المصدر نفسه، والانطباع الفوري الذي يتركه  على المترجم
• المستوى المرجعي: مستوى محتوى النص (من الناحية الفنية على مستوى التمثيل المفاهيمي)
• مستوى الترابط أو التماسك: المستوى الذي يهدف فيه المترجم إلى جعل النص الهدف متماسك (وتحليل ترابط النص المصدر)
• مستوى الطبيعية: مستوى بناء النص الهدف الطبيعي بلغة مناسبة

وكما يشير لندكويست (Lundquist)، فإن عملية الترجمة هي في جوهرها عملية تواصل تجمع بين موقفين تواصليين يقوم المترجم فيهما بفك رموز (يترجم) النص المصدر وترميز النص الهدف، وبالتالي فإن المترجم هو أيضا نقطة الوساطة المركزية في عملية الترجمة، والمسؤول عن تمرير رسالة النص المصدر عبر النص الهدف.

يمكن تقسيم العملية إلى ثلاث مراحل سنتناولها بمزيد من التفاصيل في الأقسام التالية:
• المرحلة 1: تحليل النص المصدر
• المرحلة 2: النقل من النص المصدر إلى النص الهدف


• المرحلة 3: إعادة النظر في النص الهدف
nv-author-image

فرج صوان

استاذ علم اللغة التطبيقي و اللغة الإنجليزية في جامعة طرابلس وعدد من الجامعات الليبية. حصل على الشهادة الجامعية والماجستير من ليبيا، وشهادة في تعليم اللغة الإنجليزية من جامعة سري البريطانية (Surrey)، ودرس برنامج الدكتوراه في جامعة إيسيكس ببريطانيا (Essex). نشر ثمانية كتب والعديد من المقالات والبحوث. مهتم بالملف الليبي والعربي والاسلامي بجميع جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

نقترح عليكم
ينبغي للمرء دائما قراءة النص الهدف بضع مرات قبل ترجمته،…
Cresta Posts Box by CP
إظهار شريط المشاركة
إخفاء شريط المشاركة