أول من ذكر إجراء تحويل البيانات النوعية إلى كمية هما مايلز وهوبرمان (Miles and Huberman, 1994)، ولكنه استخدامه
فعليا كان شائعا بين الباحثين النوعيين الذين يعرضون جداول عددية لبعض جوانب بياناتهم. وقد قدّم هذا المصطلح تاشاكوري وتيدلي (Tashakkori and Teddlie, 1998)، اللذان اعتبراها عملية رئيسية في تحليل بيانات الطرق المختلطة. يتضمن التحويل الكمي
تحويل البيانات النوعية إلى رموز عددية يمكن أن تتم معالجتها إحصائيا. وبالتالي، يتم تمثيل بعض المواضيع النوعية البارزة عدديا إما في شكل درجات (على سبيل المثال، درجات التردد لعدد المرات التي ذكر فيها الموضوع في العينة أو في ردود أحد الأفراد) أو المقاييس (على سبيل المثال، تقييم شدة أو درجة أو وزن الرواية السردية مثل وصف الشخص الذي أجرى المقابلة لمواقفه تجاه، على سبيل المثال، بيئة التعلّم). وتتطلب الطريقة الموثوقة لإنتاج درجات المقاييس من هذا النوع الأخير الطلب من فريق من الحكام الخبراء تقييم البيانات على سلسلة متصلة ثم يؤخذ متوسط التصنيف على درجة المقياس.
وعلى الرغم من أنه يمكن تقنيا تحويل أي موضوع نوعي إلى كمي من خلال تعيين درجة صفر (0) أو واحد (1) له وفقا لظهوره
من عدمه في مجموعة بيانات معينة، يحذرنا مايلز وهوبرمان (Miles and Huberman, 1994: 214) من أن تحويل البيانات إلى الصيغة الكمية يعتبر عملية لا يمكن الاستخفاف بها. العد يحسن من جودة التحليل فقط في الحالات التي تُستخدم فيها النتائج الرقمية بدقة. فمثلا، الإجراء الشائع في تعداد الكمية التي ذكر بها المشاركين موضوع معين وبعدها يتم مقارنة النتائج بقول أن الموضوع ‘س’ أهم من الموضوع ‘ص’ لأنه تم ذكره من قبل مشاركين أكثر، يكون خاطئ عادة، وذلك لأن العينة النوعية لم يُقصد بها أن تكون تمثيلية وبالتالي فإن النسب الفرعية منها لا تعكس أي اتجاهات أو ميول حقيقية. ولكن إذا اعتقدنا أن أخذنا للعينات قد نتج عنه مجموعة مشاركين يمكن اعتبارهم ممثلين لمجتمع معين، فعندها يمكننا القيام بالمقارنات، ولكن ينبغي اختبار أهمية النتائج إحصائيا[1]، فمثلا، باستخدام اختبار تي[2] أو اختبار مربع كاي[3]
ويوصي أونويغبوزي و ليتش (Onwuegbuzie and Leech, 2005) بنهج مثير للاهتمام ولكنه مثير للجدل إلى حد ما في معالجة البيانات النوعية التي تم تحويلها إلى كمية، حيث يقولان أنه في حالة تحويل كل فئة ترميز إلى درجة رقمية ثم نحلل النتائج بتحليل العوامل[5]، فقد نحصل على ‘موضوعات فوقية’ تضم الموضوعات الأصلية، وبالتالي تصف العلاقة بين هذه المواضيع. المشكلة في هذا الأسلوب هي أن تحليل العوامل يتطلب حجم عينة كبير نسبيا، ويفضل أن يكون أكثر من 100 مشارك، وهذا نادرا ما يتم تحقيقه في الدراسات النوعية بسبب عبء العمل الضخم الذي ينطوي عليه. ومن ناحية أخرى، فإن المنطق الأساسي لتحليل العوامل هو استقرائي إلى حد كبير، ومن ثم فإن هذا التحليل من شأنه أن يتناسب مع الاتجاه العام للدراسة النوعية. ويمكننا أيضا النظر في إخضاع البيانات التي تم تحويلها إلى كمية للتحليل العنقودي لكي نحدد المجموعات الفرعية في العينة التي تشترك في تركيبات متشابه في بعض وجهات نظرهم أو خصائصهم.
[1] تمثل الاهمية الاحصائية مقدار الثقة (مقابل الخطأ المقبول) لدى الباحث في نتيجة اختبار احصائي، الخطأ المقبول عادة والذي يمكن حياله إنشاء بيانات مختلفة (95% أو .05 = α من الثقة الموجودة في نتائج بحث تم التوصل إليها وناتجة عن متغيرات تم فحصها وليس عن متغيرات غريبة أو الصدفة).
[2] اختبار استنتاجي احصائي ذو أهمية من أجل القياس المستمر لمتغيرات تابعة مقابل متغير ثنائي مستقل.
[3] مربع كاي هو الاختبار الاستدلالي الاحصائي لتحديد أهمية البيانات الفئوية.
[4] الاحصاءات الغير بارامترية هي احصائيات غير قياسية وتشمل احصاءات استدلالية ووصفية تركز على بيانات محددة.
[5] يتم تطوير مقاييس العوامل من خلال تحليل العوامل أو على أساس الارتباطات فيما بين العناصر التي تشير إلى أن عامل مشترك يعبر عن العلاقات بين العناصر