تخطى إلى المحتوى

الترجمة الطبية

مقدمة

بغض النظر عن الميدان أو اللغات المعنية، فإن الترجمة تمثل وسيلة للاتصال. ومع ذلك، تنطوي الترجمة في المجال الطبي على ترجمة الوثائق المتعلقة بتطبيقات العقاقير الجديدة، أو الوثائق السريرية أو التقنية أو التنظيمية أو التسويقية ذات الصلة بالمجال الطبي أو الصيدلاني أو الرعاية الصحية. وكما هو الحال مع أي مجال معين، تتطلب الترجمة الطبية تدريب ومعرفة واسعة بالمجال إلى جانب المهارات اللغوية. يتناول هذا الفصل العديد من إجراءات الترجمة والقضايا التي تواجهنا عند ترجمة النصوص الطبية. ومن الجدير بالذكر أن الترجمة الطبية هي مجال ذو أهمية عالية للغاية حيث أن الترجمات الجيدة يمكن أن تكون قادرة على إنقاذ حياة المرضى، في حين أن الترجمات الرديئة قد تعرضهم للخطر (Engels 2011).

وبصرف النظر عن الكفاءة في اللغتين المصدر والهدف، يجب أن يكون للمترجم الطبي الجيد قدرات بحثية ممتازة. ويجب عليه مواكبة أحدث المصطلحات الطبية من خلال مراجعة أحدث الدوريات والمجلات، بالاضافة إلى تصفح الإنترنت. أما الأدوات النموذجية المطلوبة للترجمة الطبية فتشمل أحدث القواميس العلمية والطبية، والكتب، والوصول إلى الإنترنت، وما إلى ذلك.

يجب أن تكون جميع صياغات الوثيقة الطبية باللغة الأصلية المطلوبة. المعيار الموصى به لمستوى اللغة هو من الصف الرابع إلى الصف الثامن. ويجب تفسير أي مصطلح علمي أو قانوني بعبارات بسيطة. يجب أن تكون النسخة الأصلية والمترجمة “متسقتان”، مما يعني أنه يجب الحفاظ على الأسلوب والمحتوى الأصلي. بل يجب الحفاظ حتى على حجم الخط ومعلومات الحواشي السفلية.

يجب أن يكون لدى المترجم الطبي فهم عميق بالتخصص وميل إلى البحث ليتمكن من القيام بترجمة طبية دقيقة. تتمثل احدى المشاكل التي تواجه المترجمين الطبيين في الاستخدام المستمر للاختصارات في مجال الطب. ومما يضيف الصعوبات للمترجم الطبي هي المعاني المتعددة لنفس الاختصار. ويجب على المترجم أن يختار المعنى الصحيح وفقا للسياق.

تتمثل احدى الصعوبات الرئيسية التي تواجه المترجم الطبي في استخدام العديد من الاختصارات والمختصرات في المجال الطبي. تعتبر الاختصارات والمختصرات من العناصر الأكثر شيوعا في الاتصالات الطبية المكتوبة والشفوية. إن المصطلحات الطويلة للغاية التي تظهر أسماء الأمراض، وأسماء المركبات الكيميائية أو أسماء العلاجات لا تكاد تظهر على الإطلاق في شكلها الكامل، لأن ذلك من شأنه أن يعوق التواصل الفعال. وترتبط شعبية الاختصارات ارتباطا وثيقا باقتصاد الوقت الذي توفره، ولذلك هناك حاجة إليها في معظم حالات الطوارئ الطبية. وعلاوة على ذلك، فإن الاختصارات تمكن المهنيين الطبيين من “تشفير” المعنى الحقيقي لما يعنون، مما يجعل المحتوى غير مفهوم نوعا ما للمريض الذي قد لا يكون لديه معرفة طبية واسعة أو كافية من أجل فهم النص المعني. على الرغم من أنه في بعض الأحيان، يكون ذلك من المستحسن لأسباب أخلاقية معينة، فإن الاستخدام الواسع للمختصرات يميل إلى حجب المعنى في العديد من الحالات، لأنها قد تكون مصدر للغموض، ولأنه حتى في المجالات التقنية العالية، قد يكون اختصار أو مختصر واحد يعبر عن عدة مصطلحات مختلفة.

وهناك أيضا حالات متطرفة، مثل الوصفات المكتوبة بخط اليد، حيث قد تكون المصطلحات المختصرة غير مقروءة. وفي حالات أخرى، قد تكون بعض المصطلحات مرتبطة تحديدا باختيار المؤلف للكلمات، أو تخضع لاختراع المؤلف، والتي يتم إنتاجها فقط لنص معين واحد. ويزداد الأمر سوءا عندما تتطور المجالات التخصصية، حيث تبتكر صيغ مختصرة جديدة، كما أن تعدد المصطلحات التي تدل على اختصار واحد قد يترك المترجم دون أي شكل من أشكال المراجع أو المصادر لحل مشكلة الترجمة.

وفي هذا الصدد، ينبغي للمترجمين الاتصال بموكليهم ومعالجة المسائل المتعلقة بالمصطلحات معا، حتى لا يساء تفسير أي من المصطلحات. أن الطلب من العميل التوضيح إلزامي إذا كان هو الشركة المصنعة لأدوات طبية جديدة، مثلا. المشكلة مع الاختصارات أو المختصرات تذهب إلى حد أنه، على سبيل المثال، عند النظر في اختصار (CF) في قاموس ميديلكسيكون (Medilexicon) للمختصرات، فإنه عرض 104 النتائج، و (MA) ، 164 النتائج.

وبالنظر إلى حقيقة أن المصطلحات الطبية تزخر بالكلمات من أصل يوناني وأصل لاتيني، وليس من المستغرب، أن الأخيرة هي أيضا عرضة للاختصار. ولذلك، نجد أن المختصرات التي تتكون من اللاتينية موجودة في اللغة الطبية. على سبيل المثال، (SFI)، التي تعني التلم الجبهي السفلي، أو (CA)، التي تعني الصوار الأمامي. ومع ذلك، نادرا ما تستخدم الاختصارات اللاتينية، لأن الخطاب الطبي الإنجليزي يفضل اللغة الإنجليزية. وقد تم الحفاظ على اللاتينية إلى حد كبير في علم الصيدلة، وخاصة في كتابة الوصفات الطبية بالإنجليزية. وعادة ما تُكتب اختصارات الوصفة اللاتينية بالحروف المائلة تتخللها نقاط. وغالبا ما تتعلق هذه الاختصارات بإدارة الأدوية. وبغض النظر عن اتجاه الترجمة، فإن هذه الاختصارات اللاتينية تترك بالطريقة الموجودة بها في النص المصدر. الاختصارات اللاتينية هي في الواقع مصدر شائع لمشاكل الترجمة، لأن إيجاد صيغتها الكاملة غالبا ما يبرهن على أنه إشكالي. إن معرفة الجذور اللاتينية يساعد المهنيين في مجال الطب على فهم النصوص الطبية في لغات مختلفة (Herget, 1999).

تتمثل مشكلة الترجمة الرئيسية الأخرى في أخطاء المحتوى “مثل الأخطاء المطبعية، الاستخدامات غير الصحيحة للمصطلحات، الأخطاء في الكتابة، والغموض”(Andriesen, 2006). أكثر المشاكل إشكالية بالنسبة للمترجمين الطبيين هي، في رأي إنجلز (Engels, 2011: 22) تكديس الأسماء، الغموض، الأرقام، الاختصارات والابهام 22 (2011: 22). وفيما يتعلق بالمشكلة الأولى، يقول إنجلز أن تكديس الأسماء يشمل مجموعة الأسماء المستخدمة لتشكيل كلمة بمعنى واحد، بدءا من أقل من اسمين إلى عدم وجود حد أقصى من الأسماء تقريبا. إن مشكلة الغموض تكمن في السياق، أو بالأحرى إغفال السياق، حيث يبين إنجلز أنه إذا لم يسمح السياق بمؤشرات أخرى بشأن المقصود، فلن يتبقى للمترجم سوى خيار الحفاظ على الغموض في نصه الهدف. ولكن لا يجب أن يكون هناك وجود للغموض وخاصة في حالة الطب. ويتحمل المترجم مسؤولية منع حدوث الأخطاء وتقديم ترجمة عالية الجودة. فإذا تم ارتكاب خطأ في ترجمة وصفة طبية لتناول الدواء، على سبيل المثال، إذا وضع المترجم رقما عن طريق الخطأ، وبالتالي يكون قد غير الكمية، يمكن أن تكون العواقب كارثية.

اللغة وتاريخ الطب

قد تكون الترجمة الطبية، جنبا إلى جنب مع الترجمة الدينية، واحدة من أقدم مجالات الترجمة، حيث دائما ما تكون معاناة الجسد والروح هي الشاغل الرئيسي لنا (Van Hoof, 1993: 1-2). يمكن تتبعها الطرق العلمية التي تميز الطب الغربي الحديث إلى الإغريقية والهلينية الكلاسيكية (500-530 قبل الميلاد). خلال هذه الفترة، ترك الطب الاغريقي الإلهية وانتقل نحو التفكير المنطقي[1]. انتقلت تقاليده أولا إلى الجمهورية الرومانية (509-531 قبل الميلاد) والإمبراطورية الرومانية (31 قبل الميلاد إلى 476 م)، ثم إلى أوروبا في العصور الوسطى (1100-1500 م). وخلال هذه العملية، تطورت الكتابة الطبية كأسلوب لعلماء الطب الرحالة لتوصيل أفكارهم (McMorrow, 1998).

عندما تم استيعاب اللغة الاغريقية من قبل الإمبراطورية الرومانية (146 قبل الميلاد)، انتقلت مراكز التعلم من اليونان إلى مصر. ومع ذلك، حافظ الأطباء اليونانيين على أهميتهم، حيث تُرجمت الكتابات الطبية اليونانية إلى اللغة العربية، وترجم جزء صغير فقط إلى اللاتينية (Crombie, 1967). وبعد زوال الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس، فقدت معظم أعمال الأطباء اليونانيين في أوروبا الغربية. فعلى سبيل المثال، كانت كتابات الباحث الطبي الرحال غالين (129-200 م) غير معروفة في الغرب حتى تُرجمت من العربية إلى اللاتينية خلال القرنين الحادي عشر والثالث عشر، عندما بدأ الأوروبيون الغربيون في إعادة اكتشاف النصوص العلمية اليونانية بسبب اكتشاف مستودعات العرب التعليمية في إسبانيا وأماكن أخرى خلال الحروب الصليبية (McMorrow, 1998). وقد ساهمت اللغة العربية قليلا نسبيا في لغة الطب، ولكنها قد وفرت أيضا الوصول إلى النظام اليوناني للعلوم (McMorrow, 1998). وفي القرن الخامس عشر، بعد الفتح العثماني للقسطنطينية، هاجر العلماء اليونانيون إلى إيطاليا وأحضروا معهم النصوص القديمة، والتي ترجمت بعد ذلك مباشرة إلى اللاتينية (Rosdolky, 2004).

وفيما بين عامي 1000-1800 م، كانت اللاتينية الوسيلة التعليمية في الجامعات الأوروبية الكبرى، واستوعبت المصطلحات الطبية اليونانية والعربية عن طريق الترجمة الصوتية أو بتشابكها مع البادئات واللاحقات اللاتينية (McMorrow, 1998). وبسبب الحاجة المتزايدة للتواصل مع الأطباء بدون تدريب الجامعي، والطلاب، والمرضى، فقد انتهت اللاتينية كلغة للطب عمليا بحلول عام 1800، واستبدلت تماما تقريبا باللغات المحلية، والتي احتفظت، مع ذلك، كلها بالأساس المصطلحي اللاتيني واليوناني (McMorrow, 1998). على مر التاريخ، كان للهيمنة في المعرفة انعكاسات على العلاقات اللغوية. ومنذ النصف الثاني من القرن العشرين، وربما كنتيجة مباشرة للريادة الأمريكية في العديد من المجالات التقنية، أصبحت اللغة الإنجليزية هي اللغة المشتركة للبحث الطبي، وتم استيراد المصطلحات الإنجليزية إلى العديد من اللغات الأخرى. وعلى الرغم من أن مزايا وجود لغة مشتركة للبحث واضحة، فإن هيمنة اللغة الإنجليزية تضع الناطقين بها في ميزة تنافسية على أولئك الذين ينبغي عليهم أولا اكتساب المهارات اللغوية الكافية، لتوصيل أفكارهم ونتائجهم بلغة أجنبية عنهم أو لقراءة مواد باللغة الإنجليزية (Liessmann, 2006). وبالنسبة للمترجمين الطبيين، فبالطبع، هذه أخبار جيدة.

لا يزال الكثير من الناس يعتقدون أن أي شخص يتحدث لغتين يمكن أن يترجم. ومع ذلك، فإن الشرط المسبق لكي يكون المرء مترجما هو أن يكون لديه تحكم ممتاز في كل من اللغة المصدر واللغة الهدف، وأن يكون له مهارات ترجمة قوية. ولكن كيف يمكنك للمرء أن يصبح مترجم طبي؟ من خلال تعلم لغة الطب طبعا.

اللغة الطبية والترجمة

لقد تم تدوين الملاحظات والأفكار الطبية منذ فترة ما قبل الميلاد كتب أبقراط[2] (Hippocrates) عن البواسير، عن الكسور، عن القرحة، في الجراحة، حول المرض المقدس وكتاب الأمثال. وفي القرن الثاني الميلادي، جمع جالين[3] (Galen) جميع المعارف الطبية في تلك الحقبة في عمل موسوعي استمر كمرجع موثوق لعدة قرون. لقد كانت الكتابة الطبية دائما مهمة، حيث ساعدت الكتابات الطبية الأولية في تكوين تاريخ الطب وقدمت معلومات قيمة ساعدت في اكتساب المعرفة الطبية التي لدينا اليوم (Taylor, 2005: 7-8).

اليوم، لا زالت تحدث اكتشافات جديدة والكثير من المعرفة التي يجب اكتسابها في الطب. ما زال لا يوجد أي علاج للسرطان، وبسبب التكنولوجيا الجديدة أصبح المهنيين الطبيين أفضل في جراء العمليات الجراحية. وفي كل مرة هناك أخبار داخل العالم الطبي تحتاج إلى مشاركتها مع العالم كله. لذلك، تُكتب العديد من المقالات والنصوص الطبية  باستمرار، والكثير منها بحاجة إلى ترجمة. وغالبا ما يكون المهنيين الطبيين الذين تعتبر اللغة الإنجليزية عندهم لغة أجنبية قادرين تماما على فهم مقال طبي عن مرض السكري باللغة الإنجليزية. ومع ذلك، قد يكون من الصعب على الأشخاص العاديين وشبه الخبراء الذين لغتهم الأم غير اللغة الإنجليزية، فهم المواد الطبية الإنجليزية حول مرض السكري.

كون المرء مترجما متعلما يعني أنه خبير باللغات التي درستها، ومن المتوقع أن يكون قادرا على ترجمة أي نص في أي مجال لغوي، سواء كان ذلك قانونيا أو اقتصاديا أو تجاريا أو تقنيا أو طبيا. وفي النظام التعليمي الليبي، يبدو أن الترجمة الطبية تعتبر جزءا من الترجمة التقنية. ومع ذلك، يمكن القول أن اللغة الطبية ليست لغة تقنية، ولكن لغة علمية. ويعتقد بعض الطلاب أن الكتابة الطبية يجب أن تُدرّس في فصول منفصلة عن اللغة التقنية، وبما أن الترجمة الطبية تدرس فقط لفترة قصيرة جدا، فقد يكون صعبا حتى على المترجم المتعلم ترجمة النصوص الطبية. وبما أننا لم نتمكن من العثور على كتاب واحد عن الترجمة الطبية فإنه يمكن أن يكون من الصعب معرفة كيفية إنتاج ترجمة جيدة.

يعتقد روبرت تايلور (Taylor, 2005: 105) يعتقد أن ما يجعل اللغة الطبية خاصة هو أن كل شيء مكتوب يعتبر صحيح فقط كما تسمح المعرفة الحالية. ويعرف كيفية كتابة اللغة الطبية الجيدة في “تجنب المصطلحات، والدقة في ما نقول، وتوخي الحذر مع الاختصارات والمختصرات” (Taylor, 2005: 105).

ويذكر تايلور أن من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار القارئ. وغالبا ما تكتب اللغة الطبية بصيغة المبني للمجهول، ولكنها أحيانا تأخذ كلمات أكثر مما لو تم التعبير بالمبني للمعلوم، على سبيل المثال “وجدنا أن” (We found that) مقابل “وجد أن” (It was found that). ومع ذلك، فإن الاتجاه هو أن اللغة الطبية تتحرك من المبني للمجهول إلى المبني للمعلوم (Taylor, 2005: 39-41).

ومن الجوانب الأخرى التي تجعل النصوص الطبية طويلة هي الاسهاب، ووفقا لتايلور (Taylor, 2005: 47) الاسهاب “مجرد استخدام عبارة طويلة للتعبير عن فكرة عندما يمكن فعل ذلك جيدا بكلمات أقل”. فمثلا كتابة “الغالبية العظمى من” (the great majority of) بدلا من “معظم” (most) و “في المستقبل غير البعيد” (in the not too distant future) بدلا من “قريبا” (soon) (Taylor, 2005: 48). وعلاوة على ذلك، من أجل تسهيل قراءة النصوص الطبية، يجب استبدال كلمات الوزن الثقيل مثل “ينهي” (terminate) و “يؤدي” (perform) بكلمات أقصر وأقل “لاتينية” مثل “يوقف” (stop) و “يقوم” (do) (Taylor, 2005: 75-76). وأخيرا، يجب توخي الحذر مع الجمل الطويلة (Taylor, 2005: 42).

تايلور ليس الوحيد الذي يشعر بأنه يمكن للغة الطبية أن تكون أفضل، حيث تعتقد ديبورا كوهين (Cohen, 2005: 936) أن اللغة الطبية لا ينبغي أن تكون مليئة بالاختصارات والمفردات الاصطلاحية، وتقول:

لا يسني التوقف عن التساؤل عما إذا كانت كل المصطلحات مفيدة حقا بخلاف التواصل مع محبي الصحة العالميين الآخرين، وأنا لست متأكدة من أنه إذا اختبرنا عينة عشوائية فإنهم سيكونون قادرين على تحديد معانيها بدقة (Cohen, 2005: 936) .

وتتابع بالقول أنه “في حين أن الرسالة قد تكون قوية، ربما تحتاج اللغة إلى تغيير” (Cohen, 2005: 936). ومثل تايلور، تؤكد كوهين أيضا على أهمية التواصل الجيد في اللغة الطبية، وأهمية الانتباه لحقيقة أن اللغة الطبية ليست فقط للأطباء والممرضات (Cohen, 2005: 936).

وبالمثل، وجد فيرنسزي ورودناي الذين عملوا لسنوات عديدة في اختيار نصوص الامتحان الطبي للترجمة أن “هذا ينطبق على أي نوع من النص المتخصص الذي يصعب فهمه إذا كان مكتظا بالمعلومات” (Ferenzy and Rudnai, 1994: 226) . على الرغم من أن النص الذي يختارونه للترجمة هو للمتخصصين المهرة في مهنتهم، ينصح فيرنسزي و رودناي بأن “النصوص يجب أن لا تحتوي على العبارات والتعابير الاصطلاحية التي يمكن فهمها بصعوبة فقط أو التي يمكن تفسيرها بطرق مختلفة” (Ferenzy and Rudnai, 1994: 227).

وعلى الرغم من كل النقد للغة الطبية، من المهم أن نتذكر أن هناك سببا لكون اللغة الطبية تستخدم اللاتينية بهذا الشكل. على سبيل المثال، كلمة “cholecystectomy” التي تعني استئصال (إزالة) المرارة هو مزيج من أربعة أجزاء مختلفة (Introduction to Medical Terminology):

chol – e – cyst – ectomy

chol هي جذر كلمة تعني الصفراء أو المرارة

e هو حرف علة رابط

cyst هو جذر كلمة أخرى بمعنى كُييس أو مثانة

ectomy هي لاحقة تعني إزالة أو استئصال جراحي.

وبالنسبة للمهنيين الطبيين الذين يغالبا ما يكونون في عجلة من امرهم وليس لديهم الوقت أو الفضاء على الورق لكتابة الجمل الطويلة، يكون من الأسهل والأسرع لهم كتابة “cholecystectomy” (استئصال المرارة) بدلا من “surgical removal of the gall bladder” (الاستئصال الجراحي للمرارة).

الجانب الآخر الذي يجب مراعاته قبل انتقاد اللغة الطبية هو أن المؤلفين الطبيين في الغالب ليسوا كتابا مهنيين، ولا يكتبون جميعهم بلغتهم الأولى (Resurrecció, 2007: 22). قد لا يعرف المهني الطبي الذي يكتب عن الدواء أي طريقة أخرى للكتابة ماعدا الأسلوب الذي يستعمل الألفاظ الاصطلاحية اللاتينية. وأخيرا، إذا كان ليس كاتب محترف أو لا يكتب بلغته الأولى، فقد يؤدي ذلك إلى أخطاء في الأسلوب، والنحو، وعلامات الترقيم.

يعرض مركز كتابة العلوم الصحية في جامعة تورونتو الأخطاء النموذجية التالية في الكتابة الطبية (Resurrecció, 2007: 161 – 162):

  • عدم وجود اتفاق (Lack of agreement): بين الفاعل والأفعال، والأسماء والضمائر، وبين الضمائر
  • أجزاء جملة: فالجملة تتكون من وحدة مستقلة بفاعل وفعل على الأقل مرتبطان بشكل صحيح
  • جمل طويلة أكثر مما ينبغي: يجب أن تعبر الجملة عن فكرة واحدة فقط أو مجموعة من الأفكار المرتبطة بشكل واضح
  • الإفراط في استخدام المبني للمجهول: يُفضل استخدام الأفعال المبنية للمعلوم أكثر من المبنية للمجهول، ويفضل الأشخاص على الأفكار المجردة لفاعل هذه الأفعال
  • توازي القوة: يضيف بناء عناصر موازية في الجملة الوضوح والتركيز
  • الضمائر الغامضة: تأكد من أن الضمائر مثل ‘it’  و ‘this’ تشير إلى شيء معين
  • المقيدات أو المعدلات النحوية المعلقة (Dangling modifiers): تأكد من أن العبارة أو الشرط المقيد له شيء يقيده أو يعدله
  • معدلات المنحرفة (Squinting modifiers): تأكد من أن المعدل (modifier) يشير بوضوح إلى العنصر المراد تعديله
  • الاستعارات المختلطة أو الميتة: ينبغي التعرف على المعاني الحرفية للاستعارات، وتجنب الكليشيهات
  • قدرة اختيار الكلمات: لا يتم استخدام الكلمات “الفاخرة” إعجابا بها فقط، حيث يجب استخدام قاموس للتحقق من الكلمات التي لم يتم التأكد من معناها
  • عدم تدوير الكلمات الفارغة: يجب استخدام الحد الأدنى لعدد الكلمات
  • روابط الفاصلة: ينبغي استخدام الفاصلة المنقوطة وكذلك الظرف لربط عبارتين أو جملتين مستقلتين

وتستخدم الاتصالات الطبية في مجموعة واسعة من الحالات التي تمتد من البحوث المتخصصة إلى مقالات الصحف، ومن المهم للمترجم الطبي أن يكون على بينة من ديناميكية وتعقيد الاتصالات الطبية (Resurrecció, 2007: 47). ومن المهم أيضا أن يكون قادرا على فهم اللغة الطبية:

إن الفهم الواقعي يعتبر عنصر أساسي في أي عملية ترجمة، حيث أنه مهم ليس فقط للمترجم كقارئ للنص المصدر ولكن أيضا لقارئ النص الهدف. ومع ذلك، فإن الأولويات تختلف في الترجمة الطبية. فبينما يكون تركيز المترجم الأدبي الرئيسي عادة على جوانب مثل السجل، والإيقاع، والتورية، وموقف الشخصية، أو الاشارات الثقافية، فإن أولوية المترجم الطبي تكمن في التعامل بشكل كاف مع التعقيد الواقعي والدقة (Resurrecció, 2007: 20).

ويمكن تقديم المعرفة والتواصل الطبي بطرق مختلفة (رسمية أو غير رسمية، متخصصة أو عامة) وتتدفق من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى. على سبيل المثال، يتم إجراء البحوث المختبرية وفي المستشفيات استجابة لعدة أنواع من الاحتياجات (شركات الأدوية التي تحتاج إلى تسويق أدوية جديدة، والسلطات الصحية الراغبة في إيجاد حلول للمشاكل الصحية، والأطباء والمرضى الذين يرغبون في تحسين علاج الأمراض)، ويتم توزيع المعرفة الجديدة من أعلى إلى أسفل حتى يمكن أن تُفيد المرضى والشركات وعامة الناس. ومن ناحية أخرى، يأتي قدر كبير من المعرفة الجديدة من المرضى عبر المشاورات والمقابلات والاستبيانات، وفي هذه الحالات تتدفق المعرفة من أسفل إلى أعلى (Resurrecció, 2007: 47).

ووفقا لريسورتشيو (Resurrecció, 2007: 50) فقد “اعتبرت اللغة الطبية تقليديا بنفس الطريقة كأي نوع آخر من اللغة العلمية: موضوعية، ومحايدة، وغير بلاغية، ووظيفتها الوحيدة هي نقل المعلومات، أو ما يسمى بالوظيفة المرجعية”.

ويعتقد ريسورتشيو أنه نتيجة لهذا التفكير التقليدي، فإن النصوص الطبية لا تحتوي على مراجع ثقافية أو أيديولوجية ولها أسلوب موحد وغير شخصي. اليوم، تحتوي اللغة الطبية على عناصر ثقافية وأيديولوجية. وتظهر في اللغة المستخدمة للتواصل مع المرضى والكيفية التي يتم بها تغيير اللغة “بحيث يمكن للمرضى الفهم (Resurrecció, 2007: 50 – 52). ويمكن أن تمتد العناصر الثقافية من نظم الأوزان والمقاييس إلى درجات الرسمية. وقد كانت هناك العديد من المحاولات على مر السنين لتعريف الثقافة، ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن (Resurrecció, 2007: 176). ومع ذلك، في إشارة إلى الترجمة، يقترح ريسوريتشيو (Resurrecció, 2007: 177) التعريف التالي:

أي نوع من التعبير (نصي، لفظي، غير لفظي أو سمعي بصري) دال على أي مظهر مادي أو إيكولوجي أو اجتماعي أو ديني أو لغوي أو عاطفي يمكن أن يعزى إلى مجتمع معين (جغرافي، اجتماعي-اقتصادي، مهني، لغوي، ديني، ثنائي اللغة، الخ) ويقبل كسمة لذلك المجتمع من قبل أولئك الذين يعتبرون أنفسهم أعضاء فيه. وقد يؤدي مثل هذا التعبير، في بعض الأحيان، إلى خلق مشكلة فهم أو ترجمة (Resurrecció, 2007: 177).

يمكن لشخص واحد أن ينتمي إلى أكثر من مجتمع ثقافي مختلف، وعلى الرغم من أن ليس كل أفراد المجتمع يحبذون هذه المظاهر أو يقبلون أنها صحيحة، فإنهم سيعترفون بها كجزء من مجتمعهم (Resurrecció, 2007: 177). فعلى سبيل المثال، قد لا يوافق الجميع الذين يعيشون في بلد لا يجيز الإجهاض على أن الإجهاض غير قانوني.

وبما أن اللغة الطبية الآن تحتوي على عناصر ثقافية وأيديولوجية، فإنها تؤثر على كيفية عمل المترجم. وتقليديا، فقد كان للنصوص الطبية أسلوب موحد وغير شخصي (Resurrecció, 2007: 50)، ولكن الآن، من المهم أن نأخذ في الاعتبار من الذي سيقرأ النص الهدف وفي أي ظروف (Resurrecció, 2007: 52). يسر ريسورتشيو (Resurrecció, 2007: 52) بعض النقاط التي تعتبر مهمة ينبغي للمترجم أخذها في الاعتبار عند ترجمته للنصوص الطبية:

  • الخلفية التعليمية والمهنية: من الأسهل بشكل عام الكتابة للقراء الذين لديهم خلفية تعليمية ومهنية سليمة.
  • مستويات المعرفة والخبرة  معرفة القارئ السابقة حول موضوع معين تحدد درجة الشرح وكمية التفسير المطلوبين عند كتابة النص الهدف.
  • أغراض وتطبيقات المعلومات: يقرأ القراء النصوص لكي يكونوا قادرين على القيام بأشياء أو لكي يعرفوا عنها.
  • القدرات اللغوية: لأسباب متنوعة، قد لا يكون لبعض القراء تحكم جيد في لغتهم الخاصة عند استخدامها في السياقات غير العامية، وغير المألوفة.
  • الإلمام بالمصطلحات المتخصصة: عندما يتشارك فيها القارئ، فإن المصطلحات مريحة للغاية لأنها توفر الوقت والجهد في عملية الكتابة؛ ولكن عندما لا تكون مشتركة، فإن استخدام المصطلحات المتخصصة يمكن أن تشكل للقارئ عائق للتواصل.
  • قراءة السياق: الظروف الجسدية والنفسية التي يقرأ فيها القراء النص.
  • السياق الثقافي الأوسع: البلد الذي يعيشون فيه؛ والقيم والمعتقدات الخاصة بالصحة في ذلك البلد؛ وتنظيم النظام الصحي، ونظام الجامعة، ونظام البحث، وما إلى ذلك.

بشكل عام، هناك خمسة ملامح مختلفة للقراء. كل القراء وظيفيين (يقرؤون لأسباب عملية)، ولكنهم جميعا يريدون المعلومات لأسباب وأغراض مختلفة (Resurrecció, 2007: 52 – 53). ويبين الجدول (1)[4] لمحة عامة عن ملامح القارئ وتطبيق المعلومات:

ملامح القارئتطبيق المعلومات
القارئ العاممنع المرض
المريضعلاج المرض
الطالبأن يصبح مهني صحي
المهني الصحيتطبيق المعرفة
الباحثتقدم المعرفة

عند كتابة نص، يختار المؤلفون الطبيون نوعا محددا يعتمد على ملامح القارئ وتطبيقه. على سبيل المثال، إذا كان القارئ باحثا، فقد يختار المؤلفون كتابة مقالة بحثية، ولكن إذا كان القارئ مريضا، فسيتعين على المؤلف اختيار نوع مختلف من أجل توصيل نفس الرسالة (Resurrecció, 2007: 53 – 54 ). فمن الممكن مثلا، في التواصل بين المرضى والطبيب الذي يحتاج فيه المرضى إلى فهم تفاصيل مرضهم، استخدام ورقة حقائق للمرضى أو نشرة معلومات المريض. وبالمثل، في التواصل بين المرضى والباحثين في المرضى الذين يحتاج فيه المرضى إلى معرفة أي تقدم في البحوث التي أجريت على مرضهم، عادة ما يتم استخدام ملخص المقالات البحثية للمرضى أو البيانات الصحفية. وأخيرا، في التواصل بين الأطباء والباحثين حيث يحتاج الأطباء إلى تطبيق التطورات في البحوث لتحسين الممارسة السريرية، ستكون المبادئ التوجيهية السريرية أو مقالات المراجعة هي النوع المستخدم (Resurrecció, 2007: 59).

واستنادا إلى الغرض البلاغي العام للكاتب، من الممكن التمييز بين ثلاثة أنواع أساسية من أنواع الكتابة (Resurrecció, 2007: 57) كما هو مبين في الجدول (2)[5] التالي:

الغرض العام البلاغي الكلي للكاتبأمثلة عن الأنواع
توجيهي: اعطاء التعليمات للقراء حتى يتمكنوا من القيام ببعض الأعمالتوجيهات سريرية، مطويات معلومات، كتيبات
إيضاحي: توفير معلومات للقراءالأطالس التشريحية، رسائل بحثية، مراجعات مقالات، تقارير حالة، الجزء الأول من الموافقة المستنيرة
جدلي: إقناع القراءالافتتاحيات الطبية لرؤساء التحرير، مقالات أصلية، ملصقات في الحملات الطبية

وعلاوة على ذلك، من الممكن التمييز بين الأنواع الطبية وفقا لوظيفتها الاجتماعية العامة (Resurrecció 2007: 58) كما في الجدول (3)[6] التالي:

الوظيفة الاجتماعية الكليةأمثلة عن الأنواع
منع المرض، تعليم العامة، خلق الوعي بالمخاطر، الخ.الأنواع في الحملات المؤسسية كالبيانات الاعلامية، معلومات للمرضى، الخ.
القيام بالأعمال المنزلية كاتباع حمية، أو علاجنظام غذائي، مطوية معلومات للمرضى
توصيل الاكتشافات الجديدة للقراء غير المختصينمقال صحفي، ملخص للمرضى، كتاب عام، كتيب غير اختصاصي
تعليم وتعلّم كيف يصبح المرء مهني صحيكتاب منهجي، كتيب، موسوعة، أطلس تشريحي، الخ.
القيام بالممارسة الطبية، تطبيق التقنيات الجديدة في الممارسة الطبيةتاريخ المرضى، مرشد ممارسة، كتيب، الخ.
بيع المنتجات للمهنييندعاية، مطوية أو مادة ترويجية
توصيل الأبحاث الجديدة للجمهور المتخصصمقالة أصلية، مقال مراجعة،  افتتاحية علمية

من المهم في الترجمة الطبية أن نولي اهتماما لنوع النص. إن معرفة الأنواع المختلفة، والغرض التواصلي، والهيكل النموذجي والصيغة والمواقف التي تستخدم فيها، هو مفتاح الترجمة الناجحة، لأن استراتيجيات وإجراءات وقرارات الترجمة قد تعتمد على أربعة عوامل (Resurrecció 2007: 59 – 61):

  • الاستيعاب. يعتمد فهم النص المصدر على الملامح والمعرفة السابقة للقارئ الموجه إليه نوع الكتابة عادة. سوف يكون طالب الترجمة الطبية أقرب ادراكيا وتواصليا إلى بعض الأنواع كنشرة معلومات المرضى، من غيرها، مثل بروتوكولات التجارب السريرية. التعرف على الأنواع التي لسنا على دراية بها أمر حيوي للاستيعاب الكاف للنصوص المتخصصة.
  • عملية الترجمة. إن معرفة العناصر البنيوية في أنواع مختلفة تمكننا من توقع نوع المعلومات التي يجب أن نبحث عنها أثناء قرائتنا للنص المصدر ومسودة النص الهدف.
  • الاختلافات بين اللغات. حتى إذا كان النص الهدف ينتمي إلى النوع نفسه مثل النص المصدر، فقد تكون هناك اختلافات مهمة في الطريقة التي تفهم بها في الثقافة المستهدفة.
  • التحولات في النوع. اعتمادا على مهمة الترجمة، فقد ينتمي النص الهدف أو لا إلى نفس النوع مثل النص المصدر (Resurrecció, 2007: 60).

المفتاح الآخر للترجمة الناجحة هو فهم النص المصدر. إن فهم النص المصدر يمكن المترجم من جعل القارئ الهدف يفهم النص الهدف. ومن غير الممكن إنتاج ترجمة جيدة إذا لم يتم فهم النص المصدر (Resurrecció, 2007: 93).

لإنتاج نص هدف جيد مفهوم للمجموعة الهدف، من الضروري أن ننظر إلى أسلوب اللغة. تتمثل إحدى طرق القيام بذلك في تحويل العبارات الاسمية المعقدة إلى جمل كاملة (شكل لفظي). على سبيل المثال، بدلا من كتابة “النمو المفرط بعد إغلاق لوحة المشاشي الناجم عن الإفراط في إفراز هرمون النمو (somatotrophin) ينتج عنه …” نكتب “عندما يُفرز هرمون النمو بإفراط، ينمو إغلاق لوحة المشاشي بشكل مفرط” (Resurrecció 2007: 112 – 113). وهناك طريقة أخرى تتمثل في تحويل الجمل المبنية للمجهول إلى جمل مبنية للمعلوم، لأن جعل فاعل الفعل مرئي، يُسهّل على القارئ فهم النص. على سبيل المثال، بدلا من كتابة “يتم استخدام طرق أخرى” نكتب “الأطباء يستخدمون طرق أخرى” (Resurrecció, 2007: 113).

تكثر الاشارة إلى الخلف جدا في الكتابة الطبية، واستبدالها بالكلمات أو التعبيرات التي تشير إليها يمكن أن يساعد على جعل النص المعقد أكثر قابلية للفهم (Resurrecció, 2007: 114). وبالاضافة الى الاشارة للخلف، غالبا ما تتكون النصوص المعقدة من الجمل الطويلة، وتقسيمها إلى جمل أقصر، يجعل فهم النص أسهل (Resurrecció 2007: 116). أخيرا، تعتبر الاستعارات شائعة جدا في النصوص الطبية. يمكن أن يكون للاستعارات معنى دلالي (يشير إلى المعنى الأساسي للكلمة، على سبيل المثال، وردة تعني زهرة) ومعنى ضمني (يشير إلى الارتباط العاطفي للكلمة اعتمادا على السياق، على سبيل المثال، رحلة ستضع الورود على خدودها مرة أخرى). ومن المهم أن يكون المترجم قادرا على تحديد ما إذا كان المعنى الدلالي أو الضمني لكلمة هو نفسه في اللغة الهدف كما في اللغة المصدر (Resurrecció, 2007: 173). على سبيل المثال، من الممكن ترجمة الاستعارة “ the body is a machine(Hodgkin, 1985: 1820)  إلى “الجسم آلة” في العربية وتعطي نفس المعنى. ولكن استعارة ““He sank into a coma (Hodgkin 1985: 1820) لن تترجم إلى “غرق في غيبوبة”  باللغة العربية، ولكن إلي “دخل في غيبوبة”.

المصطلحات في اللغة الطبية ليست ثابتة ولا موحدة. وهي ليست متماثلة بين اللغات، فحتى في المصطلحات التشريحية هناك اختلافات أساسية بين اللغات. على سبيل المثال، اسم أصابع اليد والقدمين باللغة الإسبانية هو كلمة dedos’‘ وتعني كل من أصابع اليد والقدمين. المصطلحات الطبية لا تتغير فقط عبر اللغات ولكن أيضا في الوقت. على سبيل المثال، كلمة “melancholy ” تعني في الأصل “الأسى الأسود”، ولكنها اليوم تعني الشعور بالحزن بدون سبب معين (Resurrecció, 2007: 240 – 241).

هل المصطلحات والعبارات كافية لإنتاج ترجمة ناجحة؟

إن الترجمة تتطلب أكثر من استبدال المصطلحات أو العبارات في احدى اللغات بواحدة في أخرى، والالتزام بقواعد النحو، واختيار السجل المناسب. ولأن اللغة ترتبط ارتباطا وثيقا بمعرفة الموضوع (Lee-Jahnke, 1998، يجب على المترجمين أن يعرفوا الموضوع الذي يتناولونه، ليس فقط لإتقان مشاكل الترجمة بنجاح، ولكن، أولا وقبل كل شيء، لكي يكونوا على بينة من المزالق المحتملة (Schmitt, 1986)، والتي تم تسليط الضوء على بعضها أعلاه.

تشمل أنواع النص التي من المحتمل أن يتعامل معها المترجم الطبي بروتوكولات الدراسة، والتقارير السريرية، ومدرجات الحزم، والمقالات الطبية الحيوية، والرسائل العلمية، والكتيبات التجارية، ومواد تثقيف المريض. كل هذه الأنواع تختلف من حيث وظيفتها وهدفها، وأسبابها وكيفيتها، وقرائها، وتوقعات هؤلاء القراء (Reeves-Ellington, 1998). يجب أن يكون لدى المترجم فهم كامل لكل من النص المصدر والنص الهدف، وما ينوي المؤلف قوله وما يحتاج المتلقي إلى سماعه. وبهذا المعنى، فإن كل ترجمة تعتبر ضرب من التفسير (Gadamer, 1989) ، وأن أي تفسير خاطئ مهما بدى بسيطا ، على سبيل المثال. في مدرجات حزمة، يمكن أن يكون له عواقب عملية خطيرة.

وكما يبين برونو بيتلهيم (Bruno Bettelheim) فإنه يجب أن يكون المترجم حساس جدا ليس فقط لما هو مكتوب ولكن أيضا لما هو ضمني. و بالتأكيد فإن مهمته تشمل الالتزام ليس فقط بمحاولة نقل الكلمات التي تشكل جملة ولكن أيضا المعاني التي تلمح إليها تلك الكلمات (Bettelheim, 1986). وعموما، فإن مفاتيح إنتاج ترجمة ناجحة هي حب اللغة، والاستماع للأسلوب، والرغبة في متابعة المصطلحات الغامضة، والاهتمام الكافي لإتقانها تماما (O’Neill, 1998).

المراجع

Andriesen, Simon (2006). ‘Medical Translation: What Is It, and What Can the Medical Writer Do to Improve Its Quality?’. AMWA Journal. Vol. 21:4, p. 157-158.

Bettelheim B. Freud und die Seele des Menschen. 1986, München: Deutscher Taschenbuch Verlag GmbH & Co. KG.

Byrne, Jody (2006). Technical Translation, Usability Strategies for Translating Technical Documentation. The Netherlands: Springer.

Cohen, Deborah (2008). Mind your language. British Medical Journal, 337 (7675), 936.

Crombie AC. Medieval and Early Modern Science. 1967, Cambridge: Harvard University Press.

Directive 2001/83/EC of The European Parliament and of The Council of 6 November 2001 on The Community Code Relating to Medicinal Products for Human Use. Official Journal of the European community, 311 (pp. 67 – 128). Retrieved 18 August 2009 from http://www.emea.europa.eu/pdfs/human/pmf/2001-83-EC.pdf

Ditlevsen, Marianne Grove & Engberg, Jan & Kastberg, Peter & Nielsen, Martin (2007). Perspektivering. Sprog på arbejde – Kommunikation i faglige tekster (pp. 303-328). Frederiksberg: Samfundslitteratur.

Engels, Vertalen (2011). Guidelines for the beginner medical translator practically applied and analysed (MA Thesis), Nederlands, Utrecht University, p. 13, Web Document.

Ferenczy, Gyula and Rudnai, Mary (1994). Translation of medical texts: a task in the Hungarian state language examination. In Wendy Scott and Susanne Mühlhaus (Eds), Language for special purposes (pp. 225 – 227). Kingston University School of Languages: Cilt.

Gadamer H-G. Text and Interpretation, in Dialogue and Deconstruction, D. Michelfelder, R. Palmer, Editor. 1989, SUNY Press: Albany. p. 21-51. http://www.nlm.nih.gov/hmd/greek/greek_intro.html, 2002.

Goldenberg, Saul (2007). Scientific Communication – How to make it effectively? Journal of Venomous Animals and Toxins including Tropical Diseases,13(1), 1-4.

Herget, Katrin (1999). “The Spanish Language in Medicine. “Medical Translation 3.3. Borkorlang. WWW Document Retrieved 04 Jun 2013 from: http://www.bokorlang.com/journal/09medic1.htm

Hodgkin, Paul (1985). British Medical Journal. Medicine is war: and other medical metaphors, 291, 1820 -1821. Retrieved 12 February 2009 from: http://www.pubmedcentral.nih.gov/picrender.fcgi?artid=1419170&blobtype=pdf

Ibsen, Hans, Lindholm, Lars H.,Pedersen, Ole Lederballe, Dahlöf, Björn and Kjeldsen, Sverre (2003). Virkningen af losartan versus atenolol på kardiovaskulær morbiditet og mortalitet hos patienter med diabetes mellitus i LIFE-undersøgelsen. Ugeskrift for Læger, 165(5), 456. Retrieved 20 March 2009 from http://www.ugeskriftet.dk/LF/UFL/2003/05/pdf/VP39714.pdf

Introduction to Medical Terminology. MTWorld .com. Retrieved 22 January from http://www.mtworld.com/tools_resources/medical_terminology.html

Kastberg, Peter (2000a). Information and Documentation Management in the Training of Technical Translators – as opposed to teaching technical science. LSP & Professional Communication – An International Journal, 2(1), 57-66.

Kastberg, Peter (2000b). Kulturaspektet i teknisk oversættelse – en ny runde i et gammelt spil. Hermes – Journal of linguistics (28), 179-193.

Kastberg, Peter (2007). Cultural Issues Facing the Technical Translator. The Journal of Specialised Translation, 8, 104-109.

Kirkman, John (2001). Good Style, Writing for Science and Technology. London and New York: Spon Press.

Lee-Jahnke H. Training in Medical Translation with Emphasis on German. American Translators Association Scholarly Monograph Series, 1998. X: p. 81-91.

Liessmann KP. Platz für die Elite!, in Die Presse. 2006: Vienna, Austria. p. 1-2

McMorrow L. Breaking the Greco-Roman Mold in Medical Writing: The Many Languages of 20th Century Medicine. American Translators Association Scholarly Monograph Series, 1998. X: p. 13-27.

Newmark, Peter (1991). About translation. Clevedon: Multilingual Matters.

O’Neill, M. Who Makes a Better Medical Translator: The Medically Knowledgeable Linguist or the Linguistically Knowledgeable Medical

Professional? A Physician’s Perspective. American Translators Association Scholarly Monograph Series, 1998. X: p. 69-80.

Reeves, Carol (2005). The Language of Science. London and New York: Routledge.

Reeves-Ellington B. The Pragmatics of Medical Translation: A Strategy for Cooperative Advantage. American Translators Association Scholarly Monograph Series, 1998. X: p. 106-115.

Resurrecció, Vincent Montalt & Davis, Maria Gonzáles (2007). Medical translation step by step – Learning by doing. Mancester: St. Jerome Publishing.

Rosdolky M. History of Medicine Part I – Brief Review of Medical History. ATA Caduceus, 2004. Spring: p. 4-8.

Schmitt PA. Die “Eindeutigkeit” von Fachtexten: Bemerkungen zu einer Fiktion, in Übersetzungswissenschaft – Eine Neuorientierung, M. Snell-Hornby, Editor. 1986, A. Franke Verlag GmbH: Tübingen. p. 252-282.

Taylor, B. Robert (2005). The Clinician’s Guide to Medical Writing. New York: Springer.

U.S. National Library of Medicine, Greek Medicine. “I swear by Apollo Physician…:” Greek Medicine from the Gods to Galen.

Ugeskrift for læger (2008). Galluptal. Retrieved 23 June 2009 from http://www.ugeskriftet.dk/portal/page/portal/LAEGERDK/UGESKRIFT_FOR_LAEGER/TIL_ANNONCOER/GALLUPTAL

Van Hoof H. Histoire de la traduction médicale en occident. CILL, 1993. 19: p. 1-2.

Vermeer, Hans Josef (1989): Skopos and commission in translational action. In Chesterman, Andrew (ed.). Readings in translation theory (pp. 173-187). Finn Lectura.

Vermeer, Hans Josef (2004). Skopos and Commission in Translational Action. In Lawrence Venuti (ed.). The Translation Studies Reader (pp. 227-238). New York and London: Routledge.

Ying, Peng (2007). Translation of Film Titles with the Application of Peter Newmark’s Translation Theory. Sino-US English Teaching, 4 (4), 5.

Zethsen, Karen Kvorning (1997). The Skopos Theory. Expressivity in Technical Texts – From a Translational Theoretical Perspective (pp. 11-37). Århus: Handelshøjskolens trykkeri.


[1] U.S. National Library of Medicine, Greek Medicine. “I swear by Apollo Physician…:” Greek Medicine from the Gods to Galen. http://www.nlm.nih.gov/hmd/greek/greek_intro.html, 2002.

[2] عالم يوناني ولد سنة 460 قبل الميلاد، وأصبح يعرف كمؤسس الطب واعتبر أعظم طبيب في عصره.

[3] عالم نفس، وفيلسوف، وكاتب، ويعتبر أهم مسهم في الطن بعد أبقراط.

[4] تمت ترجمة هذا الجدول وتعديله من:

 Resurrecció, Vincent Montalt & Davis, Maria Gonzáles (2007). Medical translation step by step – Learning by doing. Mancester: St. Jerome Publishing. p. 53.

[5] تمت ترجمة هذا الجدول وتعديله من:

 Resurrecció, Vincent Montalt & Davis, Maria Gonzáles (2007). Medical translation step by step – Learning by doing. Mancester: St. Jerome Publishing. p. 58

[6] تمت ترجمة هذا الجدول وتعديله من المرجع السابق نفسه.

nv-author-image

فرج صوان

استاذ علم اللغة التطبيقي و اللغة الإنجليزية في جامعة طرابلس وعدد من الجامعات الليبية. حصل على الشهادة الجامعية والماجستير من ليبيا، وشهادة في تعليم اللغة الإنجليزية من جامعة سري البريطانية (Surrey)، ودرس برنامج الدكتوراه في جامعة إيسيكس ببريطانيا (Essex). نشر ثمانية كتب والعديد من المقالات والبحوث. مهتم بالملف الليبي والعربي والاسلامي بجميع جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

نقترح عليكم
تعتبر الترجمة التقنية جزء من الترجمة المتخصصة، أما الأجزاء الأخرى…
Cresta Posts Box by CP
إظهار شريط المشاركة
إخفاء شريط المشاركة