بما أن الهدف من الترجمة هو التأكد من أن نصوص اللغتين المصدر والهدف توصل نفس الرسالة مع الأخذ بعين الاعتبار مختلف القيود المفروضة على المترجم، فإنه يمكن الحكم بأن الترجمة ناجحة من خلال معيارين:
1. الإخلاص، ويقصد به إلى المدى الذي تنقل به الترجمة معنى النص المصدر بدقة، دون أن تضيف إليها أو تحذف منه، ودون تكثيف أو إضعاف أي جزء من معنى.
2. الشفافية، وهو المدى الذي تظهر به الترجمة أصلية للناطق الأصلي للغة الهدف وكأنها قد كتبت اصلا بتلك اللغة، بحيث تتفق مع قواعد اللغة وأعرافها النحوية والاصطلاحية.
ويقال على الترجمة التي تلبي المعيار الأول أنها “ترجمة مخلصة” (faithful translation)، أما الترجمة التي تلبي المعيار الثاني فيقال عنها أنها “ترجمة اصطلاحية” (idiomatic translation)، وهما لا يستبعدان بعضهما بالضرورة.
تختلف المعايير المستخدمة للحكم على إخلاص للترجمة وفقا للموضوع، ودقة المحتويات الأصلية، ونوع، ووظيفة واستخدامات النص، وصفاته الأدبية وسياقه الاجتماعي أو التاريخي، إلخ.
تبدو معايير الحكم على شفافية الترجمة أكثر وضوحا: تبدو الترجمة الغير اصطلاحية خاطئة، وفي الحالات المتطرفة للترجمة
كلمة بكلمة الناتجة عن العديد من أنظمة الترجمة الآلية، نجد أنها غالبا ما تؤدي إلى هراء واضح له قيمة الدعابة فقط.
ومع ذلك، في بعض السياقات قد يسعى المترجم عن قصد إلى إنتاج ترجمة حرفية. على سبيل المثال، غالبا ما يلتزم مترجمين الآداب ومترجمين الأعمال الدينية بالنص الأصلي قدر الإمكان. للقيام بذلك نجدهم يمددون حدود اللغة الهدف عمدا لإنتاج نص غير اصطلاحي. وبالمثل، فقد يرغب المترجم الأدبي إلى تبني كلمات أو عبارات من اللغة المصدر لكي يوفر “اللون المحلي” في الترجمة.
وينظر إلى مفاهيم الإخلاص والشفافية بطريقة مختلفة في نظريات الترجمة الحديثة حيث أصبحت فكرة أن الترجمة المقبولة يمكن أن تكون خلاقة ومبتكرة مثل النص المصدر بدأت تكتسب زخما في بعض الأوساط.
في العقود الأخيرة، نجد أن أبرز دعاة وسائط الترجمة غير الشفافة يتضمنوا عالم الترجمة الفرنسي الكندي أنطوان برمان (Antoine Berman) الذي تعرف على اثنتي عشرة نزعة مشوهه متأصلة في معظم ترجمات النثر (L’épreuve de l’étranger, 1984)، والمنظر الأمريكي لورانس فينوتي (Lawrence Venuti) الذي دعا المترجمين لتطبيق استراتيجيات التغريب (foreignizing) في الترجمة بدلا من استراتيجيات التدجين (انظر، على سبيل المثال كتابه ‘Call to Action’ in The Translator’s Invisibility, 1994).
تعتمد العديد من نظريات الترجمة غير الشفافة على مفاهيم الرومانسية الألمانية، حيث كان التأثير الأكثر وضوحا على نظريات الأيام الأخيرة للتغريب (foreignization) من اللاهوتي والفيلسوف الألماني فريدريك شليرماخر (Friedrich Schleiermacher). حيث ميز في محاضرته المهمة “حول الطرق المختلفة للترجمة” في سنة 1813 بين أساليب الترجمة التي تحرك الكاتب نحو القارئ، أي الشفافية، وتلك التي تحرك “القارئ نحو الكاتب، أي احترام غربة النص المصدر. يفضل شليرماخر الأخير بوضوح. ومن الجدير بالذكر، مع ذلك، أن تفضيله كان مدفوعا ليس بالرغبة في احتضان الأجنبي ولكنه مقصودا كممارسة قومية لمعارضة الهيمنة الثقافية الفرنسية ولتعزيز الأدب الألماني.
ومع ذلك لا تزال مفاهيم الإخلاص والشفافية قوية في التقاليد الغربية. هي ليست بالضرورة بنفس الانتشار في التقاليد غير الغربية. على سبيل المثال، الملحمة الهندية رامايانا لها ترجمات كثيرة في العديد من اللغات الهندية وتختلف القصص في كل منها عن بعضها البعض. وإذا نظرنا إلى الكلمات المستخدمة للترجمة في اللغات الهندية (الآرية أو الدرافيدية)، فسنتضح لنا الحرية الممنوحة للمترجمين.