ملخص
يُنظر إلى المعرفة في القرن الحادي والعشرين باعتبارها واحدة من عوامل الإنتاج إلى جانب التكنولوجيا. منذ حوالي عقدين، كان تدريس اللغة الإنجليزية مركزا أكثر على تقليد الناطقين بها. تم استبدال المبادئ القديمة للتواصل الفعال بمجموعة أخرى من سبعة مبادئ (7Cs) تتناول التفكير النقدي والإبداع والتعاون والتفاهم بين الثقافات والتواصل والحوسبة ومحو الأمية في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والجانب الوظيفي. لا يقتصر تدريس اللغة الإنجليزية على اكتساب المهارات اللغوية ولكنه يهتم أيضًا بالجوانب العملية لاستخدام اللغة. ونتيجة لذلك، يحتاج مدرسو اللغة الإنجليزية في التعليم العالي إلى دمج النهج القائم على المشاريع والأنشطة الجماعية لتعزيز المهارات الاجتماعية أو المهارات الحياتية. إن تدريس اللغة الإنجليزية يعتمد أيضا على التكنولوجيا حيث أننا نتجه تدريجيا نحو الفصول الافتراضية. تشرح هذه الورقة بالتفصيل علم أصول التدريس في القرن الحادي والعشرين، والذي يتضمن المبادئ السبعة وأهميتها في تدريس اللغة الإنجليزية في التعليم العاليفي عصر المعرفة.
مقدمة
يُعرف القرن الحادي والعشرين بعصر المعرفة أو العصر الرقمي، حيث تعتبر معرفة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واحدة من العوامل الرئيسية للنمو والتنمية في المجتمع. إن المعرفة الكافية بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات تعتبر مرادفة للقوة. في الواقع ، تقلصت تكنولوجيا الإنترنت العالم. نحن جميعًا متصلون الآن ببريد جوجل الالكتروني (Gmail) وفيسبوك (Facebook) وواتساب (WhatsApp). ووفقًا لتريلينغ وفادل، فإن مجتمعنا عالمي قائم على المعلومات. وعلى خلفية هذا التحول الهائل من العصر الصناعي إلى عصر المعرفة ، تغيرت وجهات نظر تدريس اللغة الإنجليزية بشكل كامل لأن التركيز أصبح أكثر على الوسائل التعليمية القائمة على التكنولوجيا والوحدات النمطية. كما إن الابتكار التكنولوجي السريع قد خلق أيضا كلمات جديدة وطريقة تعبير جديدة من خلال “الرموز التعبيرية” (emoji or emoticons).
على حد تعبير ريتشارد رايلي (وزير التعليم في عهد كلينتون) الذي استشهد به بيرني تريلينغ وتشارلز فادل في كتابهما المؤلف بشكل مشترك بعنوان مهارات القرن الحادي والعشرين: “نحن نعد طلابنا حاليًا لوظائف ليست موجودة بعد … باستخدام تقنيات لم يتم اختراعها بعد … من أجل حل المشكلات التي لا نعرف حتى الآن أنها مشكلات … ” (Trilling &Fadel 2009, xv). لإثبات صحة كلمات ريتشارد رايلي، أود أيضًا أن أقتبس من ألفين توفلر (Toffler, 1970)[1]، الكاتب والمستقبلي الذي اشتهر بأعماله في التكنولوجيا والثورة الرقمية حيث يبين أن أميي القرن الحادي والعشرين ليسوا ممن لا يستطيعون القراءة أو الكتابة ، بل هم الذين لا يستطيعون التعلم ، وطرح الأفكار وإعادة التعلم. تشير كلا الاقتباسين باقتدار إلى سيناريو تدريس اللغة الانجليزية في القرن الحادي والعشرين. فالمجتمع في حالة تغير مستمر يصحبه تقدم مستمر للتكنولوجيا الموجودة وإدخال تكنولوجيا جديدة أيضًا. ولكي نكون موازيين لهذا التحول ، فإن الميسرين يطرحون بشكل مستمر أفكار للتعلم أو إعادة تعلم جوانب جديدة في تدريس اللغة الانجليزية. لا يمكن للمرء في مثل هذا السيناريو التفكير في تقييد منهج تدريس اللغة الانجليزية ضمن المهارات الأربع: الاستماع والمحادثة والقراءة والكتابة. فهو يتطلب طيفًا أوسع يشمل مجموعة من مهارات القرن الحادي والعشرين.
إن القرن الحادي والعشرين ، كما ذكرت سابقًا ، هو مجتمع قائم على المعرفة أو عصر المعرفة حيث تكون المعرفة بتكنولوجيا المعلومات أو تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ذات أهمية قصوى. يتكون المجتمع القائم على المعرفة من العلماء والباحثين والمهندسين والفنيين وشبكات البحوث والمؤسسات المنخرطة في البحث وإنتاج السلع والخدمات التكنولوجية المتطورة. إن المعرفة أو المعلومات في متناول الجميع الآن ويتم استخدامها لتمكين وإثراء الناس ماديًا وثقافيًا أيضًا ، مما يؤدي إلى بناء مجتمع مستدام.
على مر السنين ، كان هناك تحول تدريجي من الاقتصاد الزراعي إلى الاقتصاد الصناعي الذي أدى إلى عصر المعرفة باختراع الكمبيوتر. يعود ادخال الحاسوب لليبيا إلى عام 1972 عنما قامت وزارة الخدمة آنذاك بإرسال أكثر من 200 طالب للولايات المتحدة لدراسة تخصص الحاسوب، مما أدى إلى اعتماد الحاسوب في بداية الثمانينات من القرن العشرين في بعض المؤسسات الكبرى. ولذلك يمكننا القول أن ذلك كان بداية عصر المعرفة في السياق الليبي.
منذ حوالي عقدين، لم تكن وجهات نظر تدريس اللعة الإنجليزية مشابهة تمامًا للسيناريو الحالي. كان التركيز أكثر على اكتساب المهارات الأربعة وتقليد الناطقين الأصليين. ومنذ بداية القرن الحادي والعشرين، حلت اللغة الإنجليزية تدريجيا محل اللهجات الاقليمية في المدارس. يتم الآن استبدال المبادئ القديمة المتمثلة في المبادئ السبعة والمبادئ الأربعة للتواصل الفعال بمجموعة أخرى من 7 مبادئ تتعامل مع التفكير النقدي، والإبداع، والتعاون، والتفاهم بين الثقافات، والتواصل، والحوسبة ومحو الأمية في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والجانب الوظيفي. تبحث الشركات متعددة الجنسيات الآن عن قوة عاملة معولمة. لذلك، يمكننا القول أنه في القرن الحادي والعشرين، يعمل تدريس اللغة الإنجليزية في مجالات التطوير المعرفي ويحتاج ميسرو تدريس اللغة الانجليزية في التعليم العالي إلى الجمع بين النهج القائم على المشاريع، والتدريس القائم على الحالات والأنشطة الجماعية، حيث أنهما مفيدان للمتعلم كي يتبني المهارات الاجتماعية أو المهارات الحياتية أو مهارات الأشخاص فيما يتعلق بالسياق الاجتماعي والثقافي.
ومن ثم، ستشرح هذه الورقة أهمية مهارات القرن الحادي والعشرين بالتفصيل، أي: المبادئ السبعة ووجهات النظر المتغيرة لتدريس اللغة الانجليزية على مستوى التعليم العالي، بما في ذلك مبحث التداني أو القربيات (proxemics)[2] الجديد في الفصل الدراسي.
الطريقة
منذ سبعينيات القرن العشرين وما بعدها، لوحظ ميل علماء اللغة إلى التركيز أكثر على الجانب التواصلي لعملية تعلم اللغة. وفقًا لستيرن (H. H. Stern) ، فإن اللغويين يتجهون نحو ‘تحليل الخطاب’، حيث لا يتم تدريس اللغة بمعزل، بل تتم دراستها بالرجوع إلى القطع النصية، والحوارات، والأوصاف، والسرد، لأن سياق استخدام اللغة مهم لتدريس اللغة كما هو مهم في علم اللغة. لقد بدأت وظيفة اللغة التواصلية في لعب دوراً هام منذ السبعينيات (Stern, 1983: 133). يروج البراغماتيين أيضًا للجانب ذاته من تعليم اللغة بأنه “ليس مجرد معالجة مقاطع صوتية بلا معنى” (المرجع السابق ص 178)؛ بل هو أكثر من تلبية المطالب العملية للنهج التواصلي لتدريس اللغة. فالاحتياجات العملية قد تحفز تطوير كلمات جديدة كذلك. وبالأخذ في الاعتبار الجانب العملي لتدريس اللغة، فقد تبنيت الأسلوب المباشر، أو النهج السمعي الصوتي أو النظرية المعرفية لعلم اللغة التطبيقي لمناقشة وجهات نظر تدريس اللغة في القرن الحادي والعشرين حيث أنها تتعامل مع الجوانب العملية أكثر من النظريات. فوفقًا لستيرن، إنها نظرية لتدريس اللغة الثانية … إنها تثبت فائدتها، قبل كل شيء، من خلال فهم التخطيط، وصنع القرار، والممارسة. كما أنها فعالة وقابلة للتطبيق أيضًا (Stern 1983: 27). بالإضافة إلى ذلك، أود أن أقول أنها تسمح للميسّر بالتأثير على عملية تفكير المتعلمين بحيث يصبح من السهل إشراكهم في أنشطة جماعية مختلفة. يقول ستيرن (Stern, 1983: 26-27) أيضًا إن “نظرية اللغة الغير ملائمة للممارسة، والتي لا تعطيها معنى، أو ‘التي لا تعمل عمليًا’ هي نظرية ضعيفة … “. النهج المعرفي ضروري لتعليم اللغة الإنجليزية في التعليم العالي في فصول دراسية متعددة اللغات وكذلك متعددة الأعراق.
في البداية، أود أن أقول أنه أكثر من التعلم النشط، حيث يكون المعلم مجرد دليل أو ميسر وليس سيد مهمة. وفي الوقت نفسه، علينا أن ننظر في السياق الاجتماعي والثقافي حيث أننا نقوم بتدريس اللغة الإنجليزية في عصر فيه للتكنولوجيا وصول إلى جميع مجالات حياتنا، سواء كانت عامة أم خاصة. لقد قللت محركات البحث بالفعل قيمة الكتب المدرسية. فمعظم الطلاب يحملون هواتف ذكية وهم على شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة. يبدو أن الطباعة أسهل من الكتابة على الورق. ويعد حمل الحاسوب المحمول ملائمًا أكثر من حمل نسخ التمارين والكتب والأقلام. يمكن للمرء تخزين العديد من الكتب الإلكترونية في محرك أقراص صغير لا يشغل مساحة كبيرة على الإطلاق. ويعتمد المتعلمون أيضًا على محركات البحث كمصادر حقيقية للمعلومات. وبالتالي، فإن التحول في المشهد الأنثروبولوجي أدى إلى الحرية والمرونة. “الأساس الحقيقي للتعليم هو دراسة العقل البشري، الرضع والمراهق والبالغ. إن أي نظام تعليمي قائم على نظريات الكمال الأكاديمي، والذي يتجاهل أداة الدراسة، من المرجح أن يعوق النمو الفكري ويضعفه … لأنه على التربوي التعامل، ليس بالمواد الميتة مثل الفنان أو النحات، ولكن مع كائن حي دقيق وحساس بلا حدود” (Aurobindo, 1956: 19). يعتبر هذا الاقتباس وثيق الصلة في هذا السياق حيث يجب أن يتذكر الميسرون أن المتعلمين كيانات فردية. ولذلك، يجب أن تكون بيئة التعلم مواتية للتعلم. يجب أن تتاح للمتعلمين حرية كافية لرعاية إبداعاتهم وإمكاناتهم الخفية. كما يجب أن تصمم وحدات التعلم بطريقة تجعلها تعكس ‘البيئة شبه الطبيعية’ ( المرجع السابق ص182) حيث يمكن العمل معًا إما في مشروع أو في مشكلة أو في حالة. تؤكد عملية التعلم الجماعي على التطور المعرفي وتساعد أيضًا على تنمية المهارات الأساسية الثلاث في القرن الحادي والعشرين، أي، التفكير الناقد وحل المشكلات واتخاذ القرارات. فالمتعلمون يتفاعلون مع الأقران ويستكشفون الحالة أو المشكلة المعطاة ثم يستنتجون النتيجة.
يجب إعطاء المتعلمين مجالًا كافيًا للتفكير والتخيل والتصرف وفقًا لذلك. فالفصل ينتمي للمتعلمين. لقد ولت أيام الكتب المدرسية وأوراق العمل النحوية. انهم يفضلون المزيد من مهارات العمل، والتطبيق، والتفكير النقدي، وحل المشكلات وصنع القرار. إن الطرق التقليدية كطريقة الترجمة والقواعد ونظرية التقليد لم تعد ملائمة في الفصل الدراسي. كما أن نظرية بلومفيلد لتقليد الناطقين الأصليين ليست فعالة أيضًا في التعليم العالي. وقد أشار ستيرن بشكل ملائم إلى أن بلومفيلد تجاهل جانب “الاستيعاب اللاشعوري” (ص 157) الذي يعني به ستيرن التحدث عن الجانب التجريبي لتعلم اللغة، والذي يحدث نتيجة لتعرضنا للتدفق المستمر للمشهد الأنثروبولوجي. وورف، أكثر عالم لغوي حديث فذ في الولايات المتحدة، في مبدأه النسبية اللغوية، يشدد على العلاقة بين اللغة والعقل والواقع (ص 205). ولذلك، فإن علم اصول التدريس في القرن الحادي والعشرين يشتمل على الاتجاهات الجديدة لعصر المعرفة، كما أنه يركز على المتعلم ويستند إلى الاحتياجات. إن الشركات تبحث عن موظف يكون مواطن رقمي عالمي، ويمكنه أيضًا التكيف مع مجموعة غير متجانسة. ويحتاج المتعلمون إلى ممارسة خيالهم وإحساسهم بالإبداع والتفكير الجانبي ومهارات التواصل بين الأفراد والمجموعات وحل المشكلات وقدراتهم على اتخاذ القرارات. علينا أن نتذكر هنا أن مثل هذه الأنشطة تساعدهم على تشكيل شخصياتهم وجعلها مناسبة للوظائف في الشركات متعددة الجنسيات.
ما هي مهارات القرن الحادي والعشرين الأساسية في عصر المعرفة؟
- التفكير الناقد وحل المشكلات.
- الإبداع والابتكار.
- التواصل ومحو الأمية الإعلامية.
- التعاون والقيادة.
- الحوسبة والكفاءة الرقمية ومحو الأمية في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
- التفاهم بين الثقافات
- الوعي الوظيفي والاعتماد على الذات.
لقد حلت هذه المهارات السبعة محل المبادئ السبع التقليدية لتعليم اللغة الانجليزية والتواصل المهني، والتي كانت تشمل المصداقية، المجاملة، الوضوح، الصواب، الاتساق، الدقة والتناسق. إن الهدف من التدريس في مجتمع المعرفة هو جعل الفرد مناسبًا للعصر الرقمي، حيث يحتاج إلى تعلم استخدام التكنولوجيا الجديدة لمواجهة التحديات غير المتوقعة.
تطور المجتمع والاتجاهات المتغيرة في علم أصول التدريس
تطور المجتمع وتغير اتجاهات علم التربية في المجتمع الزراعي، حيث كانت الزراعة هي المهنة الأساسية وتعلم الأطفال التجارة والحرف الأسرية لمساعدة آبائهم. أما العصر الصناعي (من عام 1760 فصاعدا) فقد جلب تغييرا في المهن. فأولئك الذين عملوا في هذا الحقول، أصبحوا عمالاً في المصانع وحدثت هجرة جماعية من الريف إلى مصانع المدينة. وبعد ذلك، حصل الرجال على أكثر من خيار وظيفي واحد كأن يصبحوا كتّابًا أو مدراء أو يعملوا في المصانع. وكذلك بدأت النساء العمل كعاملات بأجر في مصانع النسيج ومناجم الفحم. لقد أدخل العصر التنقل ومسار ثابت للنمو الاقتصادي. وللحفاظ على مستوى النمو، تلقى تعليم الهندسة والعلوم تركيزًا رئيسيًا من جميع الجهات. وبلغ العصر ذروته نموه في حوالي عام 1860.
ومع بداية عصر المعرفة في أواخر القرن العشرين، أصبح العالم مسطحًا فجأة. فالكل متصل الآن عبر الشبكة العالمية. إنه عصر المعلومات والابتكار التكنولوجي. الجميع يشارك في الاقتصاد العالمي والسياسة من خلال بوابات الإنترنت. تقوم بوابات التجارة الإلكترونية المختلفة بأعمال على المستويات العابرة للحدود ويمكن لأي شخص المشاركة في ذلك دون حصوله على أي شهادة رسمية في علوم الحاسوب. وبالمثل، يمكن لأي شخص المشاركة في صنع القرار السياسي من خلال مشاركة وجهات النظر عبر الإنترنت أو عبر أي شبكة اجتماعية. التواصل هو أكثر من أداة الشبكات الاجتماعية. لقد حلم الفلاسفة القدامى بعالم واحد، واليوم، ها نحن نتحرك نحوه. فقد أصبح العالم صغيرًا ومسطحًا. والإنسانية الآن تشاركية أكثر في طبيعتها. كما نشهد أيضًا مزيجًا من الثقافات المختلفة عبر العالم بسبب التنقل السريع ونتيجة لتكنولوجيا الإنترنت والوظائف في الخارج والزواج بين الثقافات. لقد أصبح البشر الآن مواطنين رقميين عالميين. ويستند عصر المعرفة على المعلومات. فقد أحدثت الثورة الرقمية ثورة في كل جانب من جوانب مجتمعنا بدءًا من التعليم إلى الزراعة. أما الطلاب فيقضون المزيد من الوقت أمام الشاشة أو مع الهواتف الذكية، حيث يتعلمون بشكل مستقل من خلال جوجل وأصبحوا جزءًا من مجتمع افتراضي عالمي. ويصبحون ناجحين إذا تمكنوا من استخدام المعلومات في الوقت المناسب. يُعرف عصر المعرفة أو العصر الرقمي أيضًا بالشكل المتقدم للرأسمالية، حيث المعرفة والأفكار المبتكرة هي المصادر الرئيسية للنمو الاقتصادي. أما في زمن الزراعة أو ما قبل الصناعة، فقد كان معظم الناس محتاجين أساسًا إلى أنواع معرفة الكيفية. لقد تعلموا هذه المعرفة من خلال المشاركة في العمل والحياة اليومية لمجتمعهم. ولم يكن لدى معظم الناس تعليم رسمي. وفي مجتمعات العصر الصناعي (القرن العشرين)، من ناحية أخرى، احتاج الناس إلى أنواع مختلفة من المعرفة أكثر تجريدًا أو ‘معرفة ماذا’. تم إنشاء المدارس لتقديم هذا النوع من المعرفة للشباب، وبدأ التعليم الشامل. في مدارس العصر الصناعي، يقوم المدربين المحترفين بحزم ‘معرفة ماذا’ في تسلسل منطقي، تراكمي متحكم به. أما الطلاب فيتم تنظيمهم في مجموعات مرتبطة بالعمر ويتلقون هذه المعرفة جميعًا معًا بنفس الترتيب وبالسرعة نفسها. كما تقوم مدارس العصر الصناعي أيضًا بتدريس المهارات الاجتماعية والمواطنة. يتم تأديب الطلاب على اتباع القواعد واحترام سلطة هيئات معينة من المعرفة، واتباع القواعد واحترام السلطة في المجتمع الذي يعيشون فيه. يتم إدارة نظام التعليم من قبل بيروقراطية أنشئت لضمان الأداء الفعال والموحد لجميع أجزاء النظام. وتتميز كفاءة النظام بالأولوية على احتياجات الطلاب الفرديين. يحتاج الناس في عصر ما بعد الصناعة أو المعرفة (القرن الحادي والعشرين) أيضًا إلى أنواع معرفة ‘معرفة ماذا’. ولكنهم يحتاجون إلى أكثر من هذا، حيث يجب أن يكونوا قادرين على القيام بالأشياء بهذه المعرفة، ولاستخدامها في إنشاء معرفة جديدة. ما زال نوع معرفة ‘معرفة ماذا’ مهمًا، ولكنه ليس غاية في حد ذاته، بل مورد، وهو شيء يمكن تعلمه (أو التفكير به). التغيير في عصر المعرفة، وليس الاستقرار، هو الذي من المعطيات. فالمواطنون العاملون في عصر المعرفة يحتاجون إلى أن يكونوا قادرين على تحديد موقع المعلومات الجديدة وتقييمها وتمثيلها بسرعة. ويجب أن يكونوا قادرين على توصيل هذا للآخرين، وأن يكونوا قادرين على العمل بشكل مثمر بالتعاون مع الآخرين. كما يجب أن يكونوا قابلين للتكيف والإبداع والابتكار، وأن يكون باستطاعتهم فهم الأشياء على مستوى ‘النظم’ أو الصورة الكبيرة. والأهم من ذلك ، هم بحاجة إلى التفكير والتعلم بأنفسهم، وفي بعض الأحيان بمساعدة سلطات أو أنظمة قواعد خارجية، ولكن في أغلب الأحيان، بدون هذه المساعدة (من منشور في مدونة مثلا أو البحث عن ‘التحول إلى تفكير القرن الحادي والعشرين’ في جوجل). من الواضح أن ذلك سيحدد معايير القرن الحادي والعشرين، حيث يحتاج المتعلمون إلى العمل بشكل مستقل. وحتمًا سيمكنهم القيام بذلك إذا ساعدناهم في تنمية مهارات القرن الحادي والعشرين الأساسية. إن متعلمي العصر الحالي متقدمون بالفعل مقارنة بالميسرين حيث أنهم مزودين بألعاب الفيديو والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب المحمولة وغيرها من الأدوات بمجرد انتهاء مرحلة الطفولة. لذلك، عندما يصلون إلى مستوى التعليم العالي، فإنهم بحلول ذلك الوقت يكونون فعلًا تكنوقراط. وفي الوقت نفسه، فهم مستقلة للغاية. إن الكتب المدرسية عن تدريس اللغة الانجليزية والتواصل المهني ليست ضرورية بعد الآن. فالطلاب يتعلمون افتراضيًا، حيث تتوفر الكثير من محاضرات الفيديو والكتب الإلكترونية على بوابات الإنترنت. وبالتالي، بوضع كل هذه الأمور في الاعتبار، يجب تغيير مبحث التداني (القربيات) في الفصل الدراسي للسماح للمتعلمين بتسخير مهارات القرن الحادي والعشرين الأساسية لقبول التحديات المجهولة وغير المتوقعة.
فصل القرن الحادي والعشرين
فيما يلي صورة لفصل القرن الحادي والعشرين الدراسي، حيث يمكن للمتعلمين إما العمل بشكل مستقل أو العمل في فريق بمساحة شخصية كافية بالإضافة إلى مساحة اجتماعية. في الوقت نفسه، من السهل استخدام جميع المهارات الأساسية للقرن الحادي والعشرين في مثل هذه البيئة. أما في الفصل الدراسي التقليدي الذي يحتوي على صفوف من المقاعد الثابتة ذات الطاولات الطويلة التي تواجه المعلم، لا يتم تزويد المتعلمين بمجال للتواصل بين الأقران. فالتواصل يحدث فقط بين المعلم والطلاب. البيئة صارمة وجامدة مقارنة بالفصول الدراسية الحالية. كما أن جوانب الحرية والمرونة مفقودة في إعدادات الفصل التقليدي. والأدوات مثل جهاز الإسقاط والحاسوب والشاشة هي أيضًا جزء من قربيات[3] فصل تدريس اللغة الانجليزية. ويجب أن يكون توقيت الحصة مرن أيضًا (إن أمكن).

شكل 1: صورة لفصل القرن الحادي والعشرين (صورة جوجل للاستخدام غير التجاري)
وهكذا تتميز الفصول الدراسية في القرن الحادي والعشرين وأصول التدريس التربوية بالمرونة والحرية. يمكن للمرء أن يلاحظ شعوراً بالمرونة في قربيات الفصول الدراسية والتدريس التربوي. إن الفكرة من وراء تعزيز المرونة في قربيات الفصول الدراسية هي جعل المتعلمين جاهزين للصناعة لأنه عليهم العمل في فريق مع أعضاء ينتمون إلى أعراق مختلفة. يعمل العديد من المهنيين في هذه الأيام من المنزل أيضًا أو من أي مكان بهاتف ذكي أو حاسوب محمول متصل بالإنترنت بجدول زمني مرن. إن طابع المرونة ضروري للعصر الحالي. في الواقع، تعمل الصفقة التجارية اليوم على المستوى الافتراضي، وبالمثل، يتم استبدال الفصل الدراسي الفعلي الآن بالفصل الدراسي الافتراضي.
اللغة الإنجليزية في القرن الحادي والعشرين
“اللغة متجذرة أساسًا في واقع الثقافة … فالكلام يصبح مفهومًا فقط عندما يتم وضعه في سياق موقفه” (Stern, 1983: 207). من المهم في القرن الحادي والعشرين حيث نشهد أن التكنولوجيا تؤثر على المفردات، على سبيل المثال ، الأطفال الصغار مغرمون باستخدام كلمة “حذف” بدلاً من ‘إزالة’ و ‘محو’ و ‘كشط’. وفيما يلي بعض الأمثلة للكلمات الجديدة التي تمت صياغتها في السنوات الأخيرة.
- العلاقة النصية (Textationship): عندما يراسلك شخص دائمًا ولكنه لا يحاول بذل أي جهد لرؤيتك وتقتصر علاقة الشخص في هاتف محمول مستطيل، تعتبر علاقة حب افتراضية. فالشخص ليس على استعداد لنقلها إلى المستوى التالي ويجد أن العلاقة النصية متوافقة تماما.
- القعاد (Benching): عندما يكون المرء مربوطًا برسائل الواتساب (WhatsApp) ويتجاهل العالم. يتماشى القاعد جيدًا مع القاعد له بنصوص بارعة ذات توقيت مناسب.
- الضبط (Tuning): عندما يحاول شخص ما نقل ديناميات العلاقة إلى المستوى التالي من خلال رسائل نصية مبهرة.
- On / Off-ers: عندما يرسل شخص رسائل نصية إلى شخص ما لبعض الوقت ثم يتوقف. وتقوم أو يقوم مرة أخرى بالرجوع إلى نفس الشخص. إنه جزء من ‘المواعدة الهائلة’.
- ‘المواعدة الهائلة (Megadating): هذا يعني مشهد المواعدة على مواقع التواصل الاجتماعي. ففي القرن الحادي والعشرين، يكون الشباب جزءًا من سلسلة من العلاقات غير الحصرية. لا يعرف المواعدين ما يبحثون عنه في شركائهم. وهذا هو السبب في أنهم لا يلتزمون.
- التلوث (Pollucation): تعني التعليم حول التلوث. ومع ذلك، فإن التطبيق الذي يتعامل مع مؤشر التلوث للمناطق المختلفة مازال في مرحلته الأولى.
- الاتصال رقميًا (ping):بدلاً من سرد جميع الطرق للاتصال بشخص آخر ، حافظ على البساطة واطلب منهم الاتصال بك. على الرغم من أن كلمة ping كانت مخصصة للحاسوب، إلا أنها الآن تعني الاتصال رقميًا، بغض النظر عن النظام.
سيتم دمج المزيد من الكلمات الجديدة على مر السنين مع تقدم التكنولوجيا في العالم المترابط. إلى جانب الكلمات الجديدة، هناك أيضًا سلسلة من الرموز الجديدة أو الرموز التعبيرية (emojis) في الهواتف الذكية. كما أنها تعمل بالتوازي مع التواصل الشفوي. وغالبًا ما تزخر النصوص بالرموز التعبيرية. هناك تحدٍ آخر حيث أن الهدف من التواصل في الوقت الحاضر هو أيضًا نقل المشاعر مع الكلمات. يشعر الشباب أن الكلمات لا يمكن أن تنقل عاطفة المتواصلين. فالتعبير عن المشاعر أمر لا بد منه اليوم جنبا إلى جنب مع التواصل الشفوي. كما لو أن هذا سيكفي عن التواصل وجهاً لوجه. يمكننا القول أن التكنولوجيا قد احتضنت كل جانب من جوانب حياتنا اليومية. إنها مساواة حيث يمكن لأي شخص احتضان التكنولوجيا بغض النظر عن الطبقة والعقيدة. لذلك، فإن التقدم التكنولوجي والمعرفي في القرن الحادي والعشرين جلب الجميع إلى منصة المساواة بجو من المرونة والحرية.
الخلاصة
يقول أندرياس بولترمان (Poltermann, A. 2014) إن الأمر لا يتعلق بوجود أشخاص مستقلين اقتصاديًا في عصر المعرفة. وبالأحرى فهو مسألة تحصيل المعرفة والمعلومات ومن ثم نشرها بشكل مناسب لتلبية احتياجات المستهلكين العالميين. وبعدها بقليل، في نفس المقال، استشهد بمثال عن استراتيجية أعمال القرن الحادي والعشرين في دراسة حالة حيث يبين أن ” صناعة السيارات لا تزال تنتج سيارات. ومع ذلك، فإن مهمة اليوم ليست بشكل متزايد مسألة بيع منتج مادي، أي السيارات، ولكن تلبية متطلبات التنقل لدى العميل. فالناس لا يريدون بالضرورة امتلاك السيارة، ولكن لاستخدامها في الأماكن التي لا تكفي فيها الدراجة أو القطار أو الحافلة. يرتبط حل هذه المشكلات … بالتواصل والتعاون مع العملاء … “. نرى هنا أن التكنولوجيا والمعلومات تلعب دور، حيث يمكن حل مشكلة التنقل من خلال الابتكارات في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، على سبيل المثال، إدخال تطبيقات التنقل المختلفة مثل أوبر (Uber) وأولا (Ola). كما يمكن للتطبيقات المرتبطة بالتنقل أن تكون تطبيق أويو (Oyo) للسكن. إن اختراع هذه التطبيقات يكمّل خيارات التنقل لأصحاب المصلحة العالميين الرقميين في القرن الحادي والعشرين. فاليوم، يمكن للمرء الانتقال إلى مواقع متنوعة بمساعدة تطبيق مثل خرائط جوجل وغيرها. وكل ما نحتاجه هو مجرد هاتف ذكي ليصبح العالم في متناول أيدينا.
لذلك، يحتاج الميسر في التعليم العالي إلى تغيير المنظور التقليدي المتمثل في أن المتعلم يشبه الصفحة البيضاء (tabula rasa)، الذي سيتعلم أشياء جديدة من الميسر. فالمتعلم يأتي مجهزًا لحضور الحصة الدراسية إما بهاتف ذكي أو حاسوب محمول ويقوم باستمرار بالتحقق من صحة المعلومات التي يتلقاها من الميسر. إنه مشهد صعب للغاية. فمن أجل مواكبة تقدم التكنولوجيا السريع والمعلومات الجديدة، يحتاج ميسرو تعليم اللغة الانجليزية إلى تحديث أنفسهم عن طريق نبذ المعلومات والأفكار القديمة وإعادة التعلم. كما يحتاج الميسر أيضًا إلى التركيز على التمارين التعاونية والتواصلية من أجل التطوير المعرفي للمتعلمين. ينبغي تشجيع المتعلمين على قراءة ومناقشة الابتكارات، التي أحدثت تغييراً في الأسرة، وفي الحياة اليومية وفي النظام التعليمي، حتى يكونوا مستعدين لمواجهة العالم. وكذلك يحتاج الميسرون إلى استخدام الوسائط المتعددة لجعل الفصل نشطًا وفقًا لمتطلبات القرن الحادي والعشرين. إن إعداد الفصل الدراسي (كما هو موضح في الصورة أعلاه) يساعد على التعلم والأنشطة الجماعية، مما يساعد أيضًا في التفكير الناقد وحل المشكلات واتخاذ القرارات. وسيتنقل الميسرون باستمرار من مجموعة إلى أخرى لتسهيل عملية التعلم.
في النهاية، علينا أن نتذكر أننا نعيش في مجتمع دائم التغير، حيث يتم تقديم تكنولوجيا جديدة أو تكنولوجيا مرتجلة بعد حوالي كل أربع أو خمس سنوات مما يؤثر على عملية تدريس اللغة الإنجليزية لأنها لغة القوة والأعمال. ولذلك، يجب أن تتضمن بيداغوجيا التدريس معايير المجتمع المتطورة لمصلحة المتعلمين البالغين.
المراجع
Aurobindo, S. &The Mother. 1973. On education. Pondicherry: Sri Aurobindo Ashram. Knowledge & Society. 2003. Retrieved from World Science Forum – Budapest
http://www.sciforum.hu/previousfora/2003/permanent-update/knowledge-based-society.html
Gorey, M. R., David R., Dobat et al. 2016.Managing in the knowledge era.
Retrieved from https://thesystemsthinker.com/managing-in-theknowledge-
era/
Poltermann, A. 2014, April 17. Education for a knowledge-based society? A concept must be rethought. Retrieved from https://www.boell.de/sites/default/files/uploads/2013/09/education_for_a_knowledge-based_society_a_concept_must_be_rethought.pdf
Shifting to 21st century thinking in education and Learning.2009. Retrieved from [http://www.shiftingthinking.org/?page_id=58]
Stern, H.H. 1983. Fundamental concepts of language teaching. China: Oxford University Press.
Sun, Y. 2016, April 22. 9 Strategies for 21stCentury ELT Professionals.[Web Blog Post]. Retrieved from http://blog.tesol.org/9-strategies-for-21st-century-elt-professionals/
Toffler, Alvin (1970). Future Shock. Random House; First Edition.
Trilling, B.&Fadel, C. 2009.21st century skills: learning for life in our times, San Francisco: John Wiley & Sons.
Wallia, N.2016, November 6. Are you in a Textationship? Times of India–Times Life.
[1] آلفين توفلر، كاتب ومفكر أمريكي وعالم في مجال دراسات المستقبل تم ترجمة كتبه إلى عدة لغات عالمية. قام بتدريس رؤساء دول مثل ميخائيل غورباتشوف رئيس الاتحاد السوفيتي الأخير والرئيس الهندي أبو بكر زين العابدين عبد الكلام ورئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد.
[2] مبحث التداني هو فرع المعرفة الذي يتعامل مع مقدار المساحة التي يشعر الناس أنه من الضروري وضعها بين أنفسهم والآخرين. والقربيات لفظ آخر محدث يطلق على النظريات والدراسات المرتبطة بتعامل الناس مع بعضهم بحسب القرب المكاني بين كل فرد منهم.
[3] القربيات لفظ محدث يطلق على النظريات والدراسات المرتبطة بتعامل الناس مع بعضهم بحسب القرب المكاني بين كل فرد منهم.