ملخص
لقد تم القيام ببحوث موسعة في مجال استراتيجيات الترجمة. ومع ذلك، فإن التعريف الذي قدمه كل مؤلف و منظر يمثل وجهة نظره
الخاصة و آراءهم مختلفة فيما بينها. يتفق معظم المنظرين أن الاستراتيجيات تُستخدم من قبل المترجمين عندما يواجهون مشكلة ولا تكون الترجمة الحرفية غير مجدية. لذلك، فقد درس باحثين مختلفين استراتيجيات ترجمة مختلفة ووصفوها من منظورهم الخاص. سنقوم في هذا الفصل بوصف ومقارنة بعض النظريات المعروفة في هذا المجال. الهدف من هذه الفصل هو عرض مختلف النظريات في مجال استراتيجيات الترجمة وتقديم مراجعة عامة للأدبيات لتيسير دراسة استراتيجيات الترجمة في الدراسات المستقبلية. قدمت بيكر (Baker, 1992) أوضح تصنيف لاستراتيجيات الترجمة التي تعتقد أن المترجمين المحترفين يستخدمونها عندما يواجهون مشكلة ترجمة أثناء القيام بمهمة الترجمة.
مقدمة
تلعب الترجمة في وقتنا الحاضر وعالمنا المتّسم بالاتصالات العالمية دورا رئيسيا في مجال تبادل المعلومات بين اللغات. للتحرك على طول التواصل الطبيعي والمهني لإيصال المعنى من لغة معينة إلى أخرى، يحتاج المترجم إلى تعلم بعض المهارات التي يشار إليها باسم استراتيجيات الترجمة.
يقتبس بيرغن (بلا تاريخ Bergen,) قائمة تشيسترمان (Chesterman, 1997) حول بعض الخصائص العامة لاستراتيجيات الترجمة:
أ- الاستراتيجيات تطبق على عملية.
ب- تنطوي على التلاعب بالنص.
ج- موجهة نحو هدف معين.
د- تركز على مشكلة.
ه- تطبق بوعي.
و- وهي بين شخصية.
ويتفق معظم المنظرين أن المترجمين يستخدمون الاستراتيجيات عندما يواجهون مشكلة ترجمة تكون فيها الترجمة الحرفية غير مفيدة. درس باحثين مختلفين استراتيجيات ترجمة مختلفة ووصفوها حسب وجهات نظرهم الخاصة. سنركز في هذا الفصل على الاختلافات بين هذه النظريات حتى نوضح استراتيجيات الترجمة الموجودة ومتى ولماذا يتم استخدامها من قبل المترجمين المحترفين.
مراجعة الأدبيات
سنناقش في هذا الفصل ثلاث قضايا رئيسية هي: 1) الترجمة (تعريف الترجمة العامة)، 2) استراتيجيات الترجمة (الأنماط، والخصائص، والنماذج، ومقدمة لنموذج بيكر (Baker, 1992) لاستراتيجيات الترجمة، 3) الثغرات القائمة والهدف من هذا الفصل.
تعريف الترجمة العامة
الترجمة مهمة معقدة يجب أن يتم خلالها نقل معنى نص اللغة المصدر الى قراء اللغة الهدف. وبعبارة أخرى، يمكن تعريف الترجمة بأنها ترميز المعنى والشكل في اللغة الهدف عن طريق فك رموز معنى وشكل اللغة المصدر. لقد قام منظرين مختلفين بتقديم تعاريف مختلفة للترجمة، ولكن من الضروري كما يذكر العديد من منظري الترجمة أن نفهم مفهوم الترجمة حتى نتمكن من الحصول على صورة عامة عن عملية الترجمة. اقتبس جيرافاترليخت وآخرون (Jiraphatralikhit, Kaewjan, Klinpoon, Visitwanit, 2005: 7) بعض من هذه المفاهيم على النحو التالي: يقول بنسوسان (Bensoussan, 1990) أن الترجمة ترتبط ارتباطا وثيقا بعملية القراءة. ويقترح حاتم وميسون (Hatim and Mason, 1990) أن الترجمة عملية تنطوي على توفق المعنى بين منتجين ومستقبلين النص. يعرف بيكن (Picken, 1989) الترجمة العامة وسيلة لنقل الرسائل الشفوية والخطية من كتابة إلى كلام أو من لغة إلى أخرى. وتقول لارسون (Larson, 1984) أن الترجمة العامة توصل، قدر الإمكان، نفس المعنى الذي كان مفهوما من قبل المتحدثين باللغة المصدر، باستخدام الصيغ العادية للغة المستقبلة، مع الحفاظ على دينامية نص اللغة المصدر الأصلي . كما أعربت أيضا عن أن هدف الترجمة ينبغي أن يكون إنتاج نص اللغة المستقبلة (ترجمة) الذي يكون اصطلاحي، أي نص له نفس المعنى كما في نص اللغة المصدر، ولكن يتم التعبير عنه بالشكل الطبيعي للغة المستقبلة. يعتقد نيدا (Nida, 1974) كما استشهد به جيرافاترليخت وآخرون (Jiraphatralikhit, Kaewjan, Klinpoon, Visitwanit, 2005) أن الترجمة تتكون من استنساخ المكافئ الطبيعي الأقرب في اللغة المستقبلة لرسالة اللغة المصدر، أولا من حيث المعنى وثانيا من حيث الأسلوب. يعتبر كاتفورد (1965، كما ورد في Jiraphatralikhit et al. 2005) الترجمة بوصفها استبدال مادة نصية في لغة ما (اللغة المصدر) بمادة نص تكافئها في لغة أخرى (اللغة الهدف). يرى بيل (Bell, 1991) أن الترجمة استبدال نص في لغة ما بنص مماثل في لغة أخرى. يشير نيومارك (Newmark, 1981: 7) إلى أن الترجمة هي حرفة تحاول استبدال رسالة خطية أو بيان في لغة ما بنفس الرسالة أو البيان في لغة أخرى. ويرى أيضا بأن الترجمة علم، ومهارة، وفن، ومسألة ذوق. وتشمل الترجمة كعلم معرفة وتقييم الحقائق واللغة التي تصفها؛ وكمهارة، تحتوي الترجمة على اللغة المناسبة والاستخدام المقبول. أما بوصفها كفن فإن الترجمة تميز الكتابة الجيدة من السيئة وتتضمن مستويات ابداعية، بديهية، وملهمة. وأخيرا، فإن النظر إلى الترجمة بوصفها مسألة ذوق فيتضمن حقيقة أن المترجم يلجأ إلى تفضيلاته الخاصة، ولذلك، فإن النص المترجم يختلف من مترجم إلى آخر. يعرف كيلي (Kelly, 2005: 26-27) الترجمة بأنها مهارة فهم النص المصدر ونقله في اللغة الهدف باستخدام السجل (register)، وخلفية المعرفة ، وموارد اللغة لأخرى وفقا للغرض المقصود. ولذلك، فإن المترجم هو وسيط بين لغتين وثقافتين باستطاعته نقل اللغة المصدر إلى اللغة الهدف.
يتعلق ما نُوقش أعلاه بنظرية الترجمة التي تحدد مشاكل الترجمة وتوصي بالإجراء المناسب للترجمة لحل المشاكل التي تم تحديدها. لذلك، يمكن تفسير الترجمة على أنها عملية صنع القرار ومهمة حل المشاكل. وهي أيضا مهمة معقدة يواجه خلالها المترجم بعض المشاكل أو القضايا الإشكالية التي ينبغي ملاحظتها وتحديدها وإيجاد الحل المناسب لها. تسمى الوسائل التي يتعامل من خلالها المترجم مع هذه المشاكل بالاستراتيجيات. يتم العثور على الاستراتيجية الكافية لحل المشاكل المذكورة أعلاه في عملية صنع القرار.
ما هي استراتيجيات الترجمة؟
يتم استخدام كلمة “استراتيجية” في العديد من السياقات. في مجال دراسات الترجمة يستخدم العديد من المنظرين “استراتيجيات الترجمة” على نطاق واسع ولكن باختلافات كبيرة في المعنى وفي المنظور الذي يرونها منه. وفيما يلي قائمة بالتعريفات العامة لكلمة استراتيجية:
· الاستراتيجية هي خطة طويلة الأجل من الإجراءات الرامية إلى تحقيق هدف معين (بلا تاريخ Wikipedia Committee,).
· خطة منهجية، يتم تكييفها بوعي، وتذكر لتحسين أداء تعلم المرء (بلا تاريخ Instruction Curriculum Reading Glossary,).
· الاستراتيجية هي إجراء متعمد مخطط له موجه نحو هدف معين (لديه نتيجة محددة) يتم تنفيذه بسلسلة من الخطوات تخضع للمراقبة والتعديل (بلا تاريخ Curriculum Learning Literate-Futures Glossary,).
· مجموعة من الخطوات العقلية والسلوكية الواضحة التي تُستخدم لتحقيق نتيجة محددة (بلا تاريخ Deep Trance,).
من الواضح أن هذه التعاريف عامة، ويمكن ربطها بمجالات دراسة مختلفة. نحن مهتمين هنا أساسا باستراتيجيات الترجمة، ولكن يمكن أيضا تضييق التعاريف المذكورة أعلاه لهذا المجال البحثي. إن استراتيجيات الترجمة لها سماتها الخاصة التي يمكن للمرء من خلالها أن يفهمها بطريقة مناسبة.
بصفة عامة، يستخدم المترجم استراتيجية عندما يواجه مشكلة أثناء ترجمة النص. هذا يعني أنه عندما يترجم المترجم النص حرفيا، فإنه قد لا تكون هناك حاجة إلى استراتيجيات الترجمة. يذكر بيرغن أن الاستراتيجيات ليست واضحة وتافهة. وعلى الرغم من ذلك، عندما يترجم المبتدئون في مجال الترجمة كلمة بكلمة باستخدام القاموس يعتقدوا أنهم قاموا بترجمة جيدة. هم لا يفهمون أن المشكلة لا تزال موجودة وأنه يجب إجراء تغييرات على بعض المستويات في الترجمة. إذن، حل المشكلات هو أهم وظيفة للاستراتيجيات. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما هي مشكلة الترجمة؟
مشاكل الترجمة
ووفقا للدكتور ماريمادي (Miremadi, 1991)، فإن مشاكل الترجمة تنقسم إلى فئتين رئيسيتين: مشاكل معجمية و مشاكل نحوية.
1. المشاكل المعجمية
يبين ماريمادي عند تفسير المشاكل المعجمية أنه على الرغم من أن الكلمات هي الكيانات التي تشير إلى الأشياء أو المفاهيم، فقد لا يمكننا استبدال كلمة في لغة ما بكلمة في لغة أخرى عند الإشارة إلى نفس المفاهيم أو الأشياء. كما قسم ماريمادي المشاكل المعجمية إلى خمس فئات فرعية:
· المعنى الدلالي الواضح
يشير هذا النوع من المعنى لكلمات النص المصدر التي يمكن أن تتطابق مع كلمات في النص الهدف “بدون فقدان الصور” (مثل الأم والأب، وما إلى ذلك).
· المعنى المعجمي
ويشير المعنى المعجمي للكلمات أو العبارات التي يبدو أنها متكافئة، ولكنها في ذلك الموقف قد لا تكون كذلك. يجب أن يكون المترجم على بينة من النية الكامنة وراء الكلمات حتى لا يتم تحريف رسالة المؤلف.
· التعابير المجازية
وتشير هذه الفئة الفرعية لقضايا إشكالية عند ترجمة التعبيرات الاصطلاحية وما شابهها. يقدم برويك (Broeik, 1981) الاقتراحات التالية لترجمة التعبيرات الاصطلاحية:
أ- التمييز بين العبارات العادية والاستعارات
ب- الوصول إلى موارد ترجمة أحد الاستعارات
ج- إدراك السياقات المختلفة وقيودها على استخدام الاستعارات
د- الادراك الصحيح للقيود المفروضة على الترجمة، ونقل الرسالة.
· الفراغات الدلالية
تشمل هذه الفئة الفرعية تلك الكلمات و العبارات التي تمثل المفاهيم التي لا يمكن العثور عليها في المجتمعات الخاصة الأخرى. يمكن إيجاد مكافئات قريبة، ولكن لا يمكن إيجاد المكافئ الذي يعادلها بالضبط.
ووفقا لماريمادي (Miremadi, 1991)، فقد يحدث هذا في حالتين، وعرضة لعوامل لغوية اضافية مثل تلك الكلمات التي لديها مرجعيات في مجتمع معين ولكن ليس في غيره، وتخضع لعوامل لغوية داخلية مثل تلك المفاهيم التي قد تكون موجودة في مجتمعين لغويين ولكن بنية استخدامهما قد تكون مختلفتين تماما، ويعتقد داغوت (Dagut, 1931) كما أشار ماريمادي، أن هذه الحالة تحدث عندما تكون الأنظمة المعجمية للتعابير المشتركة مختلفة عن بعضها البعض .
· اسماء العلم
وأخيرا وليس آخرا الفئة الفرعية في هذه المجموعة هي مشكلة أسماء الأعلام. على الرغم من أن أسماء الأعلام تشير إلى الأفراد، ويمكن نسخها من لغة إلى أخرى، ولكن أحيانا قد يُفقد المعنى المحدد الذي تحمله، والذي لا يوجد في المجتمع اللغوي الهدف.
2. المشاكل النحوية
المشاكل النحوية هي الفئة الأخرى الرئيسية من مشاكل الترجمة، وكما يوضح نيدا (Nida, 1975)، فإنه لا يمكن للمرء أن يجد أي لغتين لديهما أنظمة متطابقة بالضبط من التنظيمات الهيكلية (أي أن بنية أو تراكيب اللغة تختلف من لغة إلى أخرى). هذه الاختلافات تشمل ما يلي:
أ- فئات الكلام
تختلف اللغات عن بعضها البعض في تشكيل الكلمة الداخلي لتصنيف اللغة.
ب- العلاقات النحوية
هذا الاختلاف موجود بين اللغات في الطريقة التي توظف بها أحدى مكونات في تلك الجملة.
ج- ترتيب الكلمات
د- الأسلوب
ه- الجوانب الواقعية (البرجماتية)
وبالنظر إلى كل هذه المشاكل، ومن المتوقع أن ينقل المترجم رسالة النص المصدر إلى القراء الهدف. ومع ذلك، لا يوجد ترجمة دقيقة تماما بين أي لغتين، لأن درجة التقارب بين نظامي اللغتين تحدد فعالية الترجمة.
أنماط استراتيجيات الترجمة
يقترح علماء مختلفين أنواع وفئات وتصنيفات مختلفة للاستراتيجيات وفقا لوجهات نظرهم الخاصة، وسنقوم فيما يلي بذكر بعض هذه الأنماط.
يعتقد تشيسترمان (Chesterman, 1997) أن هناك خلط كبير بين المصطلحات في مجال استراتيجيات الترجمة، ووفقا لاعتقادا تشيسترمان فإن الخصائص العامة لاستراتيجيات الترجمة هي كما يلي:
1. أنها تنطوي على معالجة النص.
2. يجب أن تطبق على عملية.
3. أنها موجهة نحو هدف.
4. تركز على مشكلة.
5. تطبق بوعي.
6. بين شخصية، وهذا يعني أن الاستراتيجيات يجب أن تكون تجريبية ومفهومة للقراء وليس للشخص الذي يستخدمها.
لدى العلماء المختلفين وجهات نظر متنوعة حول جوانب عملية الترجمة، ولذلك، فهم يحددون ويصفون أنواع مختلفة من الاستراتيجيات. يتضمن تصنيف بيرغن للاستراتيجيات ثلاثة فئات: استراتيجيات الاستيعاب، واستراتيجيات النقل، واستراتيجيات الإنتاج.
وهو يعني بتصنيفه هذا أننا أولا، نقرأ ونستوعب النص. ثانيا، نحلل الاختلافات بين النص المصدر والنص الهدف، ويجب أن نحدد أنواع الاستراتيجيات التي نكون بصدد استخدامها. وأخيرا، ننتج نص مماثل في اللغة الهدف.
يحدد لورستشر (Lorscher, 1996: 28) تسعة عناصر أساسية، أو كما سماها، لبنات بناء استراتيجيات الترجمة. هذه اللبنات هي كما يلي:
العناصر الأصلية لاستراتيجيات الترجمة
1. إدراك إشكالية ترجمة
2. التعبير عن اشكالية الترجمة
3. البحث عن حل ممكن لمشكلة الترجمة.
4. الحل لمشكلة الترجمة.
5. حل مبدئي لمشكلة الترجمة
6. أجزاء الحل لمشكلة الترجمة.
7. لا زال من الممكن العثور علي حل لمشكلة الترجمة.
8. الحل السلبي لمشكلة الترجمة.
9. مشكلة في استقبال نص اللغة المصدر.
هذا أولا يعني أن هناك مشكلة ترجمة من نوع ما، ويقوم المترجم بإيجاد حل مبدئي لها، ويتوقف عن العمل على هذه المشكلة أو يقرر ترك هذه المشكلة بدون حل والعودة إليها في وقت لاحق.
ويذكر حاتم ومونداي (2004) أن بعض قضايا الترجمة الرئيسية مرتبطة باستراتيجيات الشكل والمضمون للترجمات الحرفية والحرة. يمكن أن يساعد هذا التقسيم في التعرف على مشاكل معينة للترجمات الحرفية المفرطة التي تعيق الاستيعاب. ومع ذلك، فإن المشاكل الأساسية الحقيقية لهذه الترجمات تكمن في مجالات مثل نوع النص والجمهور.
الاستراتيجيات المحلية (المتعلقة بكيفية التعامل مع مشاكل الترجمة)
لقد قارن بيرغن الاستراتيجيات المحلية بالعديد من الأنظمة الحيوية التي توصل الهواء، والدم الخ. إلى أجزاء مختلفة من الجسم لمساعدتها على العمل بشكل جيد. يعتقد تشيسترمان (Chesterman, 1997) أنه يمكن عرض تصنيف استراتيجيات الترجمة ببساطة، وهو يشمل استراتيجية أساسية وهي “تغير شيئا ما”. لا يشير تشيسترمان في تصريحه إلى استبدال العناصر في كلمات النص المصدر بما يكافئها في النص الهدف؛ وهذا يعني أن هذا الاستبدال لا يمكن أن يكون هو المهمة الوحيدة للمترجم، وهو ليس كافيا. يمكن تصنيف الأنواع العادية للتغييرات التي يجريها المترجمين على النحو التالي:
أ- الكلمات المستخدمة في النص المصدر
ب- تركيب أو بنية هذه الكلمات
ج- ج) السياق الطبيعي للنص المصدر
وهكذا، وفقا لتشيسترمان (Chesterman, 1997)، فإن استراتيجيات الترجمة المحلية يمكن تصنيفها إلى تغييرات دلالية، ونحوية، وواقعية (برجماتية)، وكل نوع لديه فئات فرعية خاصة به. ليس هناك تمييز واضح بينهم أيضا، ولذلك يكون من الصعب تحديد أي استراتيجية بالضبط تكون قيد الاستخدام. سنقوم في الفقرات التالية، بوصف تصنيف تشيسترمان لاستراتيجيات الترجمة:
الاستراتيجيات النحوية
هذه الاستراتيجيات المحلية تغير البنية النحوية للنص الهدف مقارنة بالنص المصدر. على الرغم من أن معظم الاستراتيجيات تطبق لعدم ملائمة الترجمة الحرفية، فإن تشيسترمان (Chesterman, 1997) يقدم أول استراتيجياته النحوية وهي الترجمة الحرفية، ويعتقد أنه وفقا لكثير من منظري الترجمة أنها الاستراتيجية “الافتراضية”.
1. الترجمة الحرفية: ويقصد بها أن المترجم يتبع صيغة أو شكل النص المصدر قدر الإمكان بدون اتباع بنية اللغة المصدر.
2. الترجمة الاقتراضية: هذه هي الاستراتيجية النحوية الثانية في تصنيفه وهي تشير إلى الاقتراض المصطلحات المفردة واتباع هيكل أو بنية النص المصدر الغريبة على القارئ الهدف.
3. الإبدال: مصطلح آخر اقترضه تشيسترمان من فيناي وداربيلنت (Vinay and Darbelnet, 1958) وهو يشير إلى أي تغيير في صنف الكلمة، على سبيل المثال من صفة إلى اسم.
4. تغيير الوحدة: هذا هو المصطلح الذي تم اقتراضه من كاتفورد (Catford, 1965) في مستويات المورفيم، الكلمة، العبارة، شبه الجملة، الجملة، والفقرة.
5. إعادة صياغه الهيكل: تشير هذه الاستراتيجية للتغيرات التي تحدث في البنية الداخلية للعبارة الاسمية أو الجملة الفعلية، على الرغم من أنه يمكن ترجمة عبارة اللغة المصدر نفسها بعبارة مناظرة في اللغة الهدف.
6. تغيير هيكل شبه الجملة: يشير هذا المصطلح إلى استراتيجية تؤثر فيها التغييرات على تنظيم العبارات المكونة أو أشباه الجمل. على سبيل المثال، التغييرات من المبني للمعلوم إلى المبني للمجهول، محدود إلى غي محدود، أو إعادة ترتيب مكونات شبه الجملة.
7. تغيير هيكل الجملة: وهو مصطلح يشير إلى تغييرات في هيكل وحدة الجملة، وهو أساسا يعني تغييرا في العلاقة بين الجمل الرئيسية والجمل التابعة لها.
8. تغيير الترابط: تسمى الطريقة التي ترتبط بها أجزاء الجملة معا لتكوين جملة بطلاقة ومفهومة بالترابط النصي. يشير مصطلح تغيير الترابط إلى الاستراتيجية التي تؤثر على التماسك داخل النص، ويحدث هذا النوع من الاستراتيجيات في شكل الإشارة بالضمائر، الاختصارات، الاستبدال أو التكرار.
9. تغيير المستوى: يعني تشيسترمان (Chesterman, 1997) بهذا المصطلح المستويات الصوتية، والمورفولوجية (الصرفية) والنحوية والمعجمية. يتم التعبير عن هذه المستويات بطرق مختلفة في لغات مختلفة.
10. تغيير النظام: هذه الاستراتيجية هي مصطلح آخر في تصنيف تشيسترمان (Chesterman, 1997)، وهي تشير إلى المخطط البلاغي مثل التوازي، الجناس والإيقاع والقافية في الشعر. يشير التوازي لترتيب مماثل من تجمعات الكلمات، والعبارات أو الجمل.
الاستراتيجيات الدلالية
المجموعة الثانية في تصنيف تشيسترمان هي استراتيجية دلالية تنقسم إلى فئات فرعية خاصة بها.
1. الترادف: هو الفئة الفرعية الأولى في هذه المجموعة. يختار المترجم في هذه الاستراتيجية أقرب مرادف، وهو ليس أول ترجمة حرفية لكلمة النص المصدر أو العبارة.
2. العكس اللفظي: في هذه الاستراتيجية، يستخدم المترجم كلمة لها معنى المعاكس، حيث ترفق هذه الكلمة غالبا مع نفي.
3. استخدام عضو في فئة أكبر (Hyponymy)، على سبيل المثال زهرة مقارنة بوردة، وأيضا وصف فئة كاملة بمصطلح أوسع (hypernym)، على سبيل المثال وردة مقارنة بزهرة.
4. التضاد (Converses): تشير هذه الاستراتيجية إلى أزواج الأضداد التي تعبر عن علاقات دلالية مماثلة من وجهة نظر معاكسة (مثل الأفعال يرسل – يستقبل، يأخذ – يعطي).
5. تغيير المجاز (Trope change): الاسم الرسمي المستخدم لصنف من الكلام أو استعارة هو المجاز، ويعني استخدام مصطلح أو عبارة لمقارنة شيئين غير مرتبطين بهدف الكشف عن تشابههما. ويسمى هذا النوع من الاستراتيجيات باستراتيجية تغيير المجاز.
6. تغيير التجريد: النوع الثاني من الاستراتيجية في القائمة هو تغيير التجريد. تهتم هذه الاستراتيجية بالتغيير سواء من المصطلحات الأكثر تجريدا إلى المصطلحات الملموسة أو العكس بالعكس.
7. تغيير التوزيع: وهو النوع من الاستراتيجيات التي يتم توزيع نفس المكون الدلالي على وحدات أكثر (التوسع) أو أقل منه (الضغط).
8. تغيير التركيز: تزيد هذه الاستراتيجية، أو تقلل أو تغير التركيز الموضوعي للنص المترجم بالمقارنة مع النص الأصلي.
9. استراتيجية إعادة صياغة: هذه هي الاستراتيجية الأخيرة في القائمة. وفقا للمعنى العام للنص المصدر، تخلق هذه الاستراتيجية ترجمة حرة تقريبية، وربما قد يتم تجاهل بعض العناصر المعجمية في هذه الاستراتيجية.
الاستراتيجيات الواقعية (البرجماتية)
1. التصفية الثقافية: وفقا لتشيسترمان ، فإن النوع الأول من الاستراتيجيات في هذه المجموعة هو التصفية الثقافية، التي يمكن وصفها بأنها تحقيق ملموس، على مستوى اللغة، لاستراتيجية التدجين العالمية أو الترجمة الموجهة للثقافة الهدف. وتستخدم هذه الاستراتيجية بشكل عام عند ترجمة العناصر المقيدة أو المحددة بالثقافة.
2. تغيير الوضوح: يمكن في هذه الاستراتيجية اضافة بعض المعلومات من النص المصدر، أو حذفها لجعل النص أكثر أو أقل وضوحا.
3. تغيير المعلومات: هذه الاستراتيجية مشابهة للاستراتيجية السابقة، ولكن المعلومات التي تم تغييرها هنا ليست ضمنية في نص اللغة المصدر.
4. التغيير بين الشخصي: تستخدم هذه الاستراتيجية لتأثير على أسلوب النص كله لجعله أكثر أو أقل اطلاعا، تقنيا، الخ.
5. فعل الكلام: هناك استراتيجية أخرى تغير طبيعة فعل خطاب النص المصدر، إما واجبة أو غير واجبة (على سبيل المثال عند الاخبار بالأمر، أو من الكلام المباشر إلى غير المباشر).
6. تغيير الرؤية: هذه الاستراتيجية تزيد من “وجود” إما مؤلف النص المصدر أو مترجمه (على سبيل المثال الحواشي التي تمت إضافتها من قبل المترجم).
7. تغيير التماسك (Coherence change): استراتيجية أخرى تشبه استراتيجية تغيير الترابط (cohesion change) التي ورد ذكرها في الجزء السابق (الاستراتيجيات النحوية)، والفرق الوحيد هو أن استراتيجية تغير الترابط تتعلق بمستوى الهيكل الصغير (على سبيل المثال جملة أو فقرة)، ولكن تغيير التماسك يتعلق بمستوى نصي أعلى (أي الجمع بين الفقرات المختلفة مع بعضها البعض بطريقة مختلفة عن النص المصدر).
8. الترجمة الجزئية: هذه هي الاستراتيجية التي تشير إلى ترجمة جزء من النص وليس النص بأكمله (مثل كلمات أغنية أو شعر).
9. التحرير العابر: وفقا لستيتينج (Stetting, 1989) فإن الاستراتيجية الأخرى التي يمكن ذكرها في هذا القسم هي التحرير العابر والتي تشير إلى التحرير الموسع للنص الأصلي عند الضرورة (أي تغيير تنظيم معلومات النص المصدر ، الصياغة أو غيرها).
تمثل الاستراتيجيات المذكورة أعلاه تصنيف تشيسترمان (1997). من الواضح أن جميع الاستراتيجيات تقوم يمكن بحالات محددة من “تغيير شيء ما”، وهذا ما يعتقد تشيسترمان (1997) بأنه الاستراتيجية الأساسية للترجمة.
تختلف المستويات التي تعمل فيها هذه الاستراتيجيات عن بعضها البعض، وكما يرى بيرغن (بلا تاريخ)، فإن هذا قد يؤدي إلى الارتباك الاصطلاحي بين الباحثين المهتمين بدراسات الترجمة.
وكما يقول فينوتي (Venuti, 2001) من وجهة نظر فيناي ودارببيلنت (Vinay and Darbelnet, 1958)، فيمكن للمترجمين اختيار طريقتين رئيسيتين للترجمة تسمى: الترجمة المباشرة أو الحرفية والترجمة غير المباشرة (oblique translation).
عندما تكون الترجمة الحرفية غير ممكنة بسبب الاختلافات المعجمية والنحوية بين اللغتين، يتم استخدام الترجمة غير المباشرة. وتشمل الترجمة غير المباشرة سبع فئات فرعية وهي كما يلي:
1. الاقتراض (Borrowing): يستخدم لمعالجة الفروق اللغوية الفوقية، ويعتبر أبسط استراتيجية للترجمة ويعني استخدام مصطلحات اللغة المصدر في النص الهدف.
2. الترجمة الاقتراضية (Calque): نوع خاص من الاقتراض تتم فيه ترجمة التعبير المقترض حرفيا إلى اللغة الهدف.
3. الترجمة الحرفية: وتعني تقديم نص اللغة المصدر بالمكافئ الاصطلاحي أو النحوي المناسب في اللغة الهدف.
4. التبديل (Transposition): أن يتم استبدال فئة كلمة بأخرى بدون تغيير معنى الرسالة.
5. التعديل (Modulation): ويعني التغيير في وجهة النظر (على سبيل المثال تغيير جزء من الكلام).
6. التكافؤ (Equivalence): هذا يشير إلى ترجمة موقفين بطرق أسلوبية وبنيوية مختلفة. ويشمل هذين النصين النص المصدر والنص المكافئ له وهو النص الهدف.
7. التكيف (Adaptation): وهذا يشير إلى تلك الحالات التي تكون فيها اختلافات ثقافية بين اللغة المصدر واللغة الهدف. وبالتالي، يمكن اعتبار الترجمة بوصفها نوعا خاصا من التكافؤ وهو التكافؤ الظرفي.
تناسب الاستراتيجيات المذكورة أعلاه تصنيف فيناي وداربيلنت (Vinay and Darbelnet, 1958)، الذي يبين بعض أوجه التشابه مع تصنيف تشيسترمان؛ ولكن كما نرى مما ذكر أعلاه، يبدو من الواضح أن تصنيف تشيسترمان مفصل أكثر. جميع الاستراتيجيات المذكورة أعلاه هي نظريات تمت تسميتها بشكل مختلف من قبل منظرين مختلفين. ومع ذلك؛ إذا أراد المرء اختبار إمكانية تطبيق هذه الاستراتيجيات، فلن تكون هناك حدود واضحة بينها. وعلاوة على ذلك، فهي ليست سوى بعض الاستراتيجيات التي يمكن للمترجم استخدامها، ويبدو أن المترجم لديه خيارات مختلفة أثناء القيام الترجمة. ومع ذلك، ليس هناك ترتيب هرمي للاستراتيجيات الأكثر أو الأقل استخداما.
تسرد منى بيكر (Baker, 1992: 26-42) ثماني استراتيجيات تم استخدامها من قبل مترجمين محترفين للتعامل مع القضايا الإشكالية أثناء القيام بمهمة الترجمة:
1. الترجمة بكلمة أعم
هذه احد الاستراتيجيات الأكثر شيوعا للتعامل مع أنواع عديدة من عدم التكافؤ. كما تعتقد بيك أنها تعمل بشكل مناسب مع معظم اللغات، إن لم يكن كلها، لأن المعنى في المجال الدلالي لا يعتمد على اللغة.
2. الترجمة بكلمة أقل تعبيرا وأكثر حيادا: هذه استراتيجية أخرى في المجال الدلالي للتراكيب.
3. الترجمة باستبدال ثقافي: تشمل هذه الاستراتيجية استبدال عنصر أو تعبير خاص بثقافة ما بعنصر في اللغة الهدف نظرا لتأثيره على القارئ الهدف. هذه الاستراتيجية تجعل النص المترجم طبيعي أكثر ، ومفهوم أكثر، ومألوف أكثر للقارئ الهدف. يعتمد قرار المترجم لاستخدام هذه الاستراتيجية على:
- الدرجة المرخص بها للمترجم من قبل أولئك الذين قاموا بتكليفه بالترجمة
4. الترجمة باستخدام كلمة مقترضة أو كلمة مقترضة بالإضافة إلى التوضيح
وعادة ما تستخدم هذه الاستراتيجية في التعامل مع العناصر الخاصة بثقافة ما، والمفاهيم الحديثة، والعبارات الطنانة. يعتبر استخدام كلمة مقترضة مع الشرح مفيد جدا عند تكرار كلمة عدة مرات في النص. يتم في المرة الأولى ذكر الكلمة من الشرح وفي المرات التالية يمكن استخدام الكلمة نفسها.
5. الترجمة بإعادة الصياغة بواسطة كلمة ذات الصلة
وتستخدم هذه الاستراتيجية عندما يتم تحويل العنصر المصدر نصيا إلى اللغة الهدف، ولكن بصيغة مختلفة، وعندما يكون التردد الذي استخدم به شكل معين في النص المصدر أعلي بوضوح من تردده الطبيعي في اللغة الهدف.
6. الترجمة بإعادة الصياغة باستخدام كلمات لا علاقة لها
يمكن استخدام استراتيجية إعادة الصياغة عندما لا يتم تحويل الفكرة في العنصر المصدر نصيا إلى اللغة الهدف. عندما يكون معنى العنصر المصدر معقد في اللغة الهدف، يمكن للمترجم استخدام استراتيجية إعادة الصياغة بدلا من استخدام كلمات ذات صلة، وقد يكون ذلك مبنيا على تعديل التنسيق الهيكلي أو على توضيح معنى العنصر المصدر.
7. الترجمة عن طريق الحذف
قد تكون هذه الاستراتيجية حادة، ولكنها في واقع الأمر ربما قد يكون حذف ترجمة كلمة أو تعبير مفيدا في بعض السياقات. عندما يكون ذكر المعنى المُعبر عنه بعنصر أو تعبير معين ليس ضروريا لفهم الترجمة يقوم المترجمين باستخدام هذه الاستراتيجية لتجنب الشروح المطولة.
8. الترجمة بالتوضيح
هذه الاستراتيجية يمكن أن تكون مفيدة عندما لا يغطي العنصر الهدف المكافئ بعض جوانب العنصر المصدر ويشير العنصر المكافئ لكيان مادي يمكن توضيحه، ولا سيما من أجل تجنب التفسير المفرط ومن أجل الإيجاز والصراحة.
كما هو واضح، كل منظر يقدم استراتيجياته الخاصة به وفقا لوجهة نظره. ومع ذلك، يشمل تصنيف بيكر (Baker, 1992) لاستراتيجيات الترجمة أكبر مجموعة من الاستراتيجيات التي يمكن تطبيقها، لأنها تظهر الاستراتيجيات المستخدمة من قبل المترجمين المحترفين. لذلك، يشير هذا التعريف إلى تطبيق هذه الاستراتيجيات، أي أنها ليست مجموعة من الاستراتيجيات فقط، ولكن يمكن أيضا اختبارها من قبل مترجمين محترفين لرؤية مدى فائدتها وعملها إن كانت تعمل أصلا.
من المعروف أن المرحلة الأولى في عملية الترجمة هي المرحلة التحليلية ، ثم تأتي بعدها المرحلة الثانية وهي مرحلة النقل التي ننظر فيها إلى استراتيجيات وأساليب الترجمة المختلفة. الغرض من عملية الترجمة نفسها وأساليبها وإجراءاتها هو تحقيق التكافؤ الأمثل، أو الأثر المماثل.
الأثر المماثل هو عمليا نفس التكافؤ الأمثل. يشير مصطلح “الأثر المماثل” إلى أن يكون للنص الهدف نفس التأثير على قارئه كما يؤثر النص المصدر على قارئه. لاحظ أن مصطلح “التكافؤ الأمثل” لا ينطوي على هذا التركيزعلى القراء، ولكن، مثل التكافؤ الأمثل، فإن التأثير المماثل كليًا من المستحيل تحقيقه. ومع ذلك، فإنه من الممكن بمستوى طبيعي عالي، من بين أمور أخرى، ، تحقيق التكافؤ الأمثل على الأقل.
يميز المترجمون بين الاستراتيجيات العالمية للترجمة والاستراتيجيات المحلية للترجمة. استراتيجية الترجمة العالمية (طريقة الترجمة) هي الاستراتيجية الشاملة التي يتم تطبيقها على النص ككل، حيث يكون الاختيار الرئيسي الذي يجب على المترجم القيام به هنا هو كم تريد أن يكون النص الهدف قريبا من النص المصدر. أما استراتيجية الترجمة المحلية (إجراء الترجمة) فهي الاستراتيجيات التي يتم تطبيقها عند ترجمة التعبيرات الفردية في النص المصدر، مثل الكلمات، التراكيب النحوية، والتعابير الاصطلاحية، الخ).
يجب على المترجم الاختيار بين الترجمة المقلدة والترجمة الوظيفية، حيث تسعى الأولى للاحتفاظ بقدر من الجوانب الرسمية النقية للنص المصدر، وتهدف الأخيرة لتوصيل رسالة النص المصدر حتى إذا احتاج الأمر إلى تغييرات جذرية في الجوانب الشكلية للنص. • يسرد نيومارك طرق الترجمة التي وضعها على طول خط متدرج بأنواع مختلفة من التركيز، حيث يجري التركيز الكلي في أقصى أحد طرفيه على النص/اللغة المصدر، وفي الطرف الآخر يكون التركيز الكلي على النص/اللغة الهدف.
وتشمل الترجمة التي تركز على النص/اللغة المصدر (الترجمة المقلدة) ما يلي:
1. الترجمة كلمة بكلمة: الحفاظ على ترتيب الكلمات والترجمة الحرفية قدر الامكان للكلمات الفردية، بما في ذلك العبارات الثقافية.
2. يتم تحويل التراكيب النحوية إلى أقرب مثيل لها في اللغة الهدف.
3. الترجمة الأمينة: تبقى الترجمة أمينة إذا كان ذلك ممكنا في ظل قيود التراكيب النحوية في النص الهدف، ولكن يتم الاستنتاج من بعض العوامل السياقية.
4. الترجمة الدلالية: المزيد من التركيز على الترجمة الطبيعية وليس على الترجمة الامينة، حيث يتم ترجمة بعض الكلمات والتعبيرات ثقافية إلى ما يعادلها طبيعيا في اللغة الهدف.
وتشمل الترجمة الوظيفية التي تركز على النص/اللغة الهدف مايلي:
1. التكيف: الشكل الأكثر حرية في أشكال الترجمة وهي ترجمة للنص الأصلي قائمة بشكل كبير على الثقافة واللغة الهدف، وهذا ما يسمى في بعض الأحيان بتصميم الوثيقة.
2. الترجمة الحرة : ويركز هذا النوع على محتوى النص الهدف وليس الشكل، مما يعني ألتعبير عن نفس المحتوى والمضمون في النص الهدف، ولكن بتراكيب نحوية مختلفة جدا إذا دعت الحاجة لذلك.
3. الترجمة الاصطلاحية: ويستفيد هذا النوع من استخدام التعابير العامية الغير موجودة في النص المصدر.
4. الترجمة التواصلية: وتهدف هذه الترجمة إلى استنساخ نفس الرسالة بالضبط من محتوى وسياق النص المصدر، ولكن مع التركيز على الطبيعية والقبول والشمولية لقراء النص الهدف.
يسرد لندكويست (Lundquist) سبعة إجراءات للترجمة، بينما يسرد نيومارك (Newmark) مجموعة كاملة منها. وفيما يلي نقدم لمحة عامة تدمج الإجراءات التي بينها كل من لندكويست ونيومارك في قائمة واحدة تنقسم إلى اجراءات مباشرة وإجراءاتغير مباشر.
1. الإجراءات المباشرة
(أ) الترجمة الحرفية أو الترجمة كلمة بكلمة.
(ب) النقل / الاقتراض: نقل كلمة أو تعبير من اللغة/النص المصدر مباشرة إلى النص الهدف بدون ترجمتها مطقًا.
(ج) اقتراض الترجمة: الإبقاء على التراكيب النحوية مع ترجمة الكلمات الموجودة فيها.
(د) الترجمة الحرفية للتعبيرات والكلمات المركبة – الفرق بين هذا واقتراض الترجمة هو أن المترجم في هذه الطريقة للترجمة يسعى نحو ترجمة حرفية مع الابقاء على الشكل الرسمي بدرجة عالية.
(هـ) التطبيع: تعتبر أساسا نقل يطبق فيه المترجم حروف وصيغ (ونطق) اللغة الهدف على التعبير أو الكلمة المعنية.
2. الإجراءات غير المباشرة
(أ) التكافؤ: يركز المترجم هنا على التكافؤ في المعنى من منظور القارئ للنص الهدف. وهذا يعني أنه قد يضحي المترجم بالتكافؤ في الشكل، أو قد يضطر إلى اختيار شيء وهو ليس نفس الشيء بالضبط كما في النص الأصلي، ولكن الأقرب في اللغة الهدف. والتكافؤ ثلاثة أنواع تشمل التكافؤ الثقافي والتكافؤ الوظيفي والتكافؤ الوصفي.
1. ينطوي التكافؤ الثقافي على ترجمة الكلمات المتجذرة ثقافيا في اللغة/النص المصدر بكلمة تكون جذورها الثقافية معادلة تقريبا في اللغة/النص الهدف.
2. أما التكافؤ الوظيفي فيعبر عن ترجمة كلمة في اللغة/النص المصدر بما يعادلها وظيفيا بكلمة في اللغة الهدف (أي الكلمة التي لها نفس المعنى).
3. التكافؤ الوصفي ويعني ترجمة كلمة في النص/اللغة المصدر باستخدام وصف للمفهوم الذي تشير إليه في اللغة الهدف.
بعض الأساليب الأخرى المستخدمة في الترجمة
1. المترادفات: وهي ترجمة كلمة أو تعبير في اللغة/النص المصدر بتعبير في اللغة الهدف يعتبر مكافئًا وظيفيا تقريبا، ولكن ليس تماما.
2. التخفيض / التوسيع: إضافة أو إزالة عناصر في الترجمة (أساسا نوع من التحول).
3. التلخيص: تصفية أو شرح المعنى في اللغة الهدف.
4. التعويض: التعويض عن فقدان شيء ما في النص المصدر، وذلك بإضافة شيء آخر في النص الهدف.
5. التحويلات: ويتم هذا عند طريق استخدام ما يلي:
(أ) التبديل: ترجمة تعبير في اللغة/النص المصدر إلى تعبير في اللغة الهدف ينطوي على تغيير في التراكيب النحوية أو في جنس الكلام.
(ب) التعديل: تغيير وجهة نظر أو مفهوم نظري كبير في الترجمة، على سبيل المثال، استخدام اسم الفئة لعضو محدد من الفئة، وذلك باستخدام الجزء للعموم (والعكس بالعكس)، أو المبني للمعلوم بدل المبني للمجهول، وتغيير قطبية وغيرها.
(ج) تحليل الكلمات: تقسيم مفردة معجمية إلى أجزاء صغيرة ذات معنى وترجمتها.
اجراءات أخرى
1. الترجمة المعترف بها: استخدام ترجمة مقبولة ومعروفة في اللغة الهدف لمصطلح مؤسسي محدد في اللغة المصدر.
2. الترجمة المؤقتة في اللغة الهدف لمصطلح في اللغة المصدر ليس لديه أي ترجمة تقليدية في اللغة الهدف.
الخاتمة
لقد قمنا في هذه الفصل بوصف الترجمة عموما، ومشاكلها و على الأخص استراتيجياتها، كما ذكرنا نظريات مختلفة عن استراتيجيات الترجمة. وقد ظهر أن منظرين مختلفين قد اقترحوا تعريفات مختلفة لاستراتيجيات الترجمة وفقا لوجهات نظرهم المختلفة. وعلاوة على ذلك، فقد بينا أن بيكر (Baker, 1992) سردت مجموعة الاستراتيجيات الأكثر تطبيقا، كما انها لم تكتفي بمجرد تسمية تلك الاستراتيجيات، ولكنها بينت أيضا كيفية تطبيق كل منهما.